وقال ابن المبارك: كان يتكلم ودموعه تسيل، ووثقه ابن معين وأبو حاتم. وقال ابن عدي: في أحاديثه ما يتابع عليه. وحديث ابن عباس الذي فيه أنه كان صلى الله عليه وآله وسلم يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه رواه أبو يعلى وفي إسناده عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف. قوله: إلا اليمانيين بتخفيف الياء على المشهور لأن الألف عوض عن ياء النسبة، فلو شددت كان جمعا بين العوض والمعوض، وجوزه سيبويه، وإنما اقتصر صلى الله عليه وآله وسلم على استلام اليمانيين لما ثبت في الصحيحين من قول ابن عمر: إنهما على قواعد إبراهيم دون الشاميين، ولهذا كان ابن الزبير بعد عمارته للكعبة على قواعد إبراهيم يستلم الأركان كلها كما روى ذلك عنه الأزرقي في كتاب مكة، فعلى هذا يكون للركن الأول من الأركان الأربعة فضيلتان: كونه الحجر الأسود، وكونه على قواعد إبراهيم، وللثاني الثانية فقط، وليس للآخرين أعني الشاميين شئ منهما، فلذلك يقبل الأول ويستلم الثاني فقط، ولا يقبل الآخران ولا يستلمان على رأي الجمهور. وروى ابن المنذر وغيره استلام الأركان جميعا عن جابر وأنس والحسن والحسين من الصحابة، وعن سويد بن غفلة من التابعين. وقد أخرج البخاري ومسلم أن عبيد بن جريج قال لابن عمر: رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها فذكر منها: ورأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، وفيه دليل على أن الذين رآهم عبيد كانوا لا يقتصرون في الاستلام على الركنين اليمانيين. قوله:
ويضع خده عليه فيه مشروعية وضع الخد على الركن اليماني وتقبيله، وقد ذهب إلى استحباب تقبيل الركن اليماني بعض أهل العلم كما قال صاحب الفتح تمسكا بما ذكره المصنف من حديث ابن عباس عند البخاري في التاريخ والدارقطني، ولكن الثابت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستلمه فقط، نعم ليس في اقتصار ابن عمر على التسليم ما ينفي التقبيل، فإن صح ما روي عن ابن عباس تعين العمل به.
باب الطائف يجعل البيت عن يساره ويخرج في طوافه عن الحجر عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمقدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا رواه مسلم والنسائي.