الحديث بلفظ: ما كنت صانعا في حجك؟ فقال: أنزع عني هذه الثياب وأغسل عني هذا الخلوق، فقال: ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك. قال الإسماعيلي: ليس في حديث الباب أن الخلوق كان على الثوب وإنما فيه أن الرجل كان متضمخا.
وقوله: اغسل الطيب الذي بك يوضح أن الطيب لم يكن على ثوبه وإنما كان على بدنه، ولو كان على الجبة لكان في نزعها كفاية من جهة الاحرام (واستدل) بحديث الباب على منع استدامة الطيب بعد الاحرام، للامر بغسل أثره من الثوب والبدن وهو قول مالك ومحمد بن الحسن، وأجاب الجمهور عنه بأن قصة يعلى كانت بالجعرانة وهي في سنة ثمان بلا خلاف، وقد ثبت عن عائشة أنها طيبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدها عند إحرامهما، وكان ذلك في حجة الوداع وهي سنة عشر بلا خلاف، وإنما يؤخذ بالامر الآخر فالآخر، وبأن المأمور بغسله في قصة يعلى إنما هو الخلوق لا مطلق الطيب، فلعل علة الامر فيه ما خالطه من الزعفران، وقد ثبت النهي عن تزعفر الرجل مطلقا محرما وغير محرم. وقد أجاب المصنف بهذا كما سيأتي وقد تقدم الكلام على ما يجوز من الطيب للمحرم وما لا يجوز في باب ما يصنع من أراد الاحرام (وقد استدل) بهذا الحديث على أن المحرم ينزع ما عليه من المخيط من قميص أو غيره، ولا يلزمه عند الجمهور تمزيقه ولا شقه. وقال النخعي والشعبي: لا ينزعه من قبل رأسه لئلا يصير مغطيا لرأسه أخرجه ابن أبي شيبة عنهما وعن علي نحوه، وكذا عن الحسن وأبي قلابة. ورواية أبي داود المذكورة في الباب ترد عليهم (واستدل) بالحديث أيضا على أن من أصاب طيبا في إحرامه ناسيا أو جاهلا ثم علم فبادر إلى إزالته فلا كفارة عليه، ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى: وظاهره أن اللبس جهلا لا يوجب الفدية، وقد احتج من منع من استدامة الطيب، وإنما وجهه أنه أمره بغسله لكراهة التزعفر للرجل لا لكونه محرما متطيبا انتهى. وقال مالك إن طال ذلك عليه لزمه دم، وعن أبي حنيفة وأحمد في رواية يجب مطلقا.