وهو بلال بن الحرث المزني. وعن سليم بن الأسود أن أبا ذر كان يقول فيمن حج ثم فسخها بعمرة لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه أبو داود. ولمسلم والنسائي وابن ماجة عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة قال أحمد بن حنبل:
حديث بلال بن الحرث عندي ليس يثبت ولا أقول به، ولا يعرف هذا الرجل يعني الحرث بن بلال، وقال: أرأيت لو عرف الحرث بن بلال إلا أن أحد عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرون ما يرون من الفسخ أين يقع الحرث بن بلال منهم؟ وقال في رواية أبي داود: ليس يصح حديث في أن الفسخ كالهم خاصة، وهذا أبو موسى الأشعري يفتي به في خلافة أبي بكر وشطرا من خلافه عمر. قلت: ويشهد لما قاله قوله في حديث جابر: بل هي للأبد وحديث أبي ذر موقوف، وقد خالفه أبو موسى وابن عباس وغيرهما.
أما حديث بلال بن الحرث فقيه ما نقله المصنف عن أحمد. وقال المنذري: إن الحرث يشبه المجهول. وقال الحافظ: الحرث بن بلال من ثقات التابعين. وقال ابن القيم: نحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحرث هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو غلط عليه. قال: ثم كيف يكون هذا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عباس يفتي بخلافه ويناظر عليه طول عمره بمشهد من الخاص والعام؟ وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوافرون ولا يقول له رجل واحد منهم هذا كان مختصا بنا ليس لغيرنا انتهى. وقد روي عن عثمان مثل قول أبي ذر في اختصاص ذلك بالصحابة، ولكنهما جميعا مخالفان للمروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ذلك للأبد بمحض الرأي، وقد حمل ما قالاه على محامل. أحدها: أنهما أرادا اختصاص وجوب ذلك بالصحابة وهو قول ابن تيمية حفيد المصنف لا مجرد الجواز والاستحباب فهو للأمة إلى يوم القيامة.
وثانيها: أنه ليس لأحد بعد الصحابة أن يبتدئ حجا قارنا أو مفردا بلا هدي يحتاج معه إلى الفسخ، ولكن فرض عليه أن يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو التمتع لمن لم يسق الهدي، والقران لمن ساقه، وليس لأحد بعدهم أن يحرم بحجة مفردة ثم يفسخها ويجعلها متعة وإنما ذلك خاص بالصحابة، وهذان المحملان يعارضان