القضاء لأمرهم، قال الشافعي: إنما سميت عمرة القضاء والقضية للمقاضاة التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين قريش، لا على أنه أوجب عليهم قضاء تلك العمرة، وهذا هو الدليل الذي ينبغي التعويل عليه، ولكنه يعارضه ما رواه الواقدي في المغازي من طريق الزهري ومن طريق أبي معشر وغيرهما قالوا: أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه أن يعتمروا فلم يتخلف منهم إلا من قتل بخيبر أو مات، وخرج جماعة معه معتمرين ممن لم يشهد الحديبية فكانت عدتهم ألفين، قال في الفتح : ويمكن الجمع بين هذا إن صح وبين الذي قبله بأن الامر كان على طريق الاستحباب، لأن الشافعي جازم بأن جماعة تخلفوا لغير عذر. وقد روى الواقدي أيضا من حديث ابن عمر قال: لم تكن هذه العمرة قضاء ولكن كان شرطا على قريش أن يعتمر المسلمون من قابل في الشهر الذي صدهم المشركون فيه، انتهى. ويمكن أن يقال: إن ترك أمره صلى الله عليه وآله وسلم لا ينتهض لمعارضة ما تقدم مما يدل على وجوب القضاء، لأن ترك الامر ربما كان لعلمهم بوجوب القضاء على من أحصر بدليل آخر كحديث الحجاج بن عمرو لأن حكم الحج والعمرة واحد، بقي ههنا شئ هو أن قوله: وعليه الحج من قابل، وقوله: وعليه حجة أخرى، يمكن أن يكون المراد به تأدية الحج المفروض أو ما كان يريد أداءه في عام الاحصار، لا أنه القضاء المصطلح عليه لأنه لم يسبق ما يوجبه، بل غاية ما هناك أنه منعه عن تأدية ما أراد فعله مانع فعليه فعله، ولا يسقط بمجرد عروض المانع، وتعيين العام القابل يدل على أن ذلك على الفور. قوله: بالتلذذ بمعجمتين وهو الجماع. قوله: فأما من حبسه عدو هكذا في نسخ هذا الكتاب عدو بفتح العين المهملة وضم الدال المهملة أيضا والواو، وهي رواية أبي ذر في صحيح البخاري، ورواه الأكثر بضم العين وسكون الذال المعجمة والراء مكان الواو. قوله: نحره قد وقع الخلاف بين الصحابة فمن بعدهم في محل نحر الهدي للمحصر فقال الجمهور: يذبح الهدي حيث يحل سواء كان في الحل أو الحرم وقال أبو حنيفة: لا يذبحه إلا في الحرم، وبه قال جماعة من أهل البيت منهم الهادي، وفصل آخرون كما قال ابن عباس، قال في الفتح: وهو المعتمد، قال: وسبب اختلافهم في ذلك اختلافهم هل نحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية في الحل أو في
(١٧٧)