أنه صلى الله عليه وآله وسلم اغتسل بعد أن تطيب. وأجيب عن هذا بما في البخاري أيضا بلفظ: ثم أصبح محرما ينضح طيبا وهو ظاهر في أن نضح الطيب وظهور رائحته كان في حال إحرامه، ودعوى بعضهم أن فيه تقديما وتأخيرا، والتقدير طاف على نسائه ينضح طيبا ثم أصبح محرما خلاف الظاهر، ويرده قول عائشة المذكور:
ثم أرى وبيص الدهن في رأسه ولحيته بعد ذلك. وفي رواية لها: ثم أراه في رأسه ولحيته بعد ذلك. وفي رواية للنسائي وابن حبان: رأيت الطيب في مفرقه بعد ثلاث وهو محرم. وفي رواية متفق عليها: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أيام ولمسلم: وبيص المسك وسيأتي ذلك في باب منع المحرم من ابتداء الطيب، ومن أدلتهم نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الثوب الذي مسه الورس والزعفران كما سيأتي في أبواب ما يتجنبه المحرم وأجيب بأن تحريم الطيب على من قد صار محرما مجمع عليه، والنزاع إنما هو في التطيب عند إرادة الاحرام واستمرار أثره لا ابتدائه. ومنها أمره صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي بنزع المنطقة وغسلها عن الخلوق، وهو متفق عليه ويجاب عنه بمثل الجواب عن الذي قبله، ولا يخفى أن غاية هذين الحديثين تحريم لبس ما مسه الطيب. ومحل النزاع تطييب البدن، ولكنه سيأتي في باب ما يصنع من أحرم في قميص أمره صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله بأنه يغسل الخلوق عن بدنه، وسيأتي الجواب عنه.
وقد أجاب عن حديث الباب المهلب وأبو الحسن بن القصار وأبو الفرج بن المالكية بأن ذلك من خصائصه، ويرده ما أخرجه أبو داود وابن أبي شيبة عن عائشة قالت:
كنا ننضح وجوهنا بالمسك المطيب قبل أن نحرم ثم نحرم فنعرق ويسيل على وجوهنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينهانا وهو صريح في بقاء عين الطيب وفي عدم اختصاصه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وسيأتي الحديث في باب منع المحرم من ابتداء الطيب. قال في الفتح: ولا يقال إن ذلك خاص بالنساء لأنهم أجمعوا على أن النساء والرجال سواء في تحريم استعمال الطيب إذا كانوا محرمين. وقال بعضهم:
كان ذلك طيبا لا رائحة له لما وقع في رواية عن عائشة: بطيب لا يشبه طيبكم قال بعض رواته: يعني لا بقاء له أخرجه النسائي. ويرده ما تقدم في الذي قبله. وأيضا المراد بقولها: لا يشبه طيبكم أي أطيب منه، كما يدل على ذلك ما عند مسلم عنها بلفظ: