بثمن نفد أقل من ذلك القدر انتهى. قال ابن رسلان في شرح السنن: وسميت هذا المبايعة عينة لحصول النقد لصاحب العينة، لأن العين هو المال الحاضر، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه من فوره ليصل به إلى مقصوده اه.
وقد ذهب إلى عدم جواز بيع العينة مالك وأبو حنيفة وأحمد والهادوية، وجوز ذلك الشافعي وأصحابه، مستدلين على الجواز بما وقع من ألفاظ البيع التي لا يراد بها حصول مضمونه، وطرحوا الأحاديث المذكورة في الباب، واستدل ابن القيم على عدم جواز العينة بما روي عن الأوزاعي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع قال: وهذا الحديث وإن كان مرسلا فإنه صالح للاعتضاد به بالاتفاق، وله من المسندات ما يشهد له وهي الأحاديث الدالة على تحريم العينة، فإنه من المعلوم أن العينة عند من يستعملها إنما يسميها بيعا، وقد اتفقا على حقيقة الربا الصريح قبل العقد، ثم غير اسمها إلى المعاملة وصورتها إلى التبايع الذي لا قصد لهما فيه البتة، وإنما هو حيلة ومكر وخديعة لله تعالى فمن أسهل الحيل على من أراد فعله أن يعطيه مثلا ألفا إلا درهما باسم القرض ويبيعه خرقة تساوي درهما بخمسمائة درهم. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما الأعمال بالنيات أصل في إبطال الحيل، فإن من أراد أن يعامله معاملة يعطيه فيها ألفا بألف وخمسمائة إنما نوى بالاقراض تحصيل الربح الزائد الذي أظهر أنه ثمن الثوب، فهو في الحقيقة أعطاه ألفا حالة بألف وخمسمائة مؤجلة، وجعل صورة القرض وصورة البيع محللا لهذا الحرم، ومعلوم أن هذا لا يرفع التحريم، ولا يرفع المفسدة التي حرم الربا لأجلها، بل يزيدها قوة وتأكيدا من وجوه عديدة، منها أنه يقدم على مطالبة الغريم المحتاج من جهة السلطان والحكام إقداما لا يفعله المربي لأنه واثق بصورة العقد الذي تحيل به. هذا معنى كلام ابن القيم. قوله: واتبعوا أذناب البقر المراد الاشتغال بالحرث. وفي الرواية الأخرى: وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وقد حمل هذا على الاشتغال بالزرع في زمن يتعين فيه الجهاد. قوله: وتركوا الجهاد أي المتعين فعله. وقد روى الترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد، فحمل رجل من المسلمين