والله ما نزلها يعني الحصبة إلا من أجلي وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن أبي رافع قال: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ولكن جئت فضربت قبته فجاء فنزل انتهى. ولا شك أن النزول مستحب لتقريره صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك وفعله، وقد فعله الخلفاء بعده كما رواه مسلم عن ابن عمر، ومما يدل على استحباب التحصيب ما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث أسامة بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
نحن نازلون بخيف بني كنانة حيث قاسمت قريشا على الكفر يعني المحصب، وذلك أن بني كنانة حالفت قريشا على بني هاشم أن لا يناكحوهم ولا يؤوهم ولا يبايعوهم، قال الزهري:
والخيف الوادي. وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال حين أراد أن ينفر من منى نحن نازلون غدا فذكر نحوه وحكى النووي عن القاضي عياض أنه مستحب عند جميع العلماء، قال في الفتح:
والحاصل أن من نفى أنه سنة كعائشة وابن عباس أراد أنه ليس من المناسك فلا يلزم بتركه شئ، ومن أثبته كابن عمر أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله صلى الله عليه وآله وسلم لا الالزام بذلك، ويستحب أن يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت به بعض الليل كما دل عليه حديث أنس وابن عمر.
باب ما جاء في دخول الكعبة والتبرك بها عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع إلي وهو حزين، فقلت له فقال: إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت، إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي. وعن أسامة بن زيد قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيت فجلس فحمد الله وأثنى عليه وكبر وهلل، ثم قام إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه وخده ويديه ثم هلل وكبر ودعا، ثم فعل ذلك بالأركان كلها، ثم خرج فأقبل على القبلة وهو على الباب فقال: هذه القبلة هذه القبلة مرتين أو ثلاثة رواه أحمد والنسائي. وعن عبد الرحمن بن صفوان قال: