أن هذا الحديث يدل على أن لشرافة الأنساب وكرم النجار مدخلا في كون أهلها خيارا، وخيار القوم أفاضلهم، وإن لم يكن لذلك مدخل باعتبار أمر الدين والجزاء الأخروي، فينبغي أن يحمل حديث الباب على الفضل الأخروي. (وأحاديث الباب) تدل على مشروعية الخطبة في أوسط أيام التشريق، وقد قدمنا في كتاب العيدين أنها من الخطب المستحبة في الحج، وبينا هنالك كم يستحب من الخطب في الحج. باب نزول المحصب إذا نفر من منى عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به رواه البخاري. وعن ابن عمر:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ثم هجع هجعة ثم دخل مكة، وكان ابن عمر يفعله رواه أحمد وأبو داود والبخاري بمعناه. وعن الزهري عن سالم: أن أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون الأبطح قال الزهري: وأخبرني عروة عن عائشة أنها لم تكن تفعل ذلك وقالت: إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان منزلا أسمح لخروجه رواه مسلم.
وعن عائشة قالت: نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج. وعن ابن عباس قال: التحصيب ليس بشئ إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متفق عليهما.
قوله: بالمحصب بمهملتين وموحدة على وزن محمد، وهو اسم لمكان متسع بين جبلين، وهو إلى منى أقرب من مكة، سمي بذلك لكثرة ما به من الحصى من جر السيول، ويسمى بالأبطح وخيف بني كنانة. قوله: ثم هجع هجعة أي اضطجع ونام يسيرا.
قوله: أسمح لخروجه أي أسهل لتوجهه إلى المدينة ليستوي البطئ والمقتدر، ويكون مبيتهم وقيامهم في السحر، ورحيلهم بأجمعهم إلى المدينة. قوله: ليس التحصيب بشئ أي من المناسك التي يلزم فعلها. وقد نقل ابن المنذر الخلاف في استحباب نزول المحصب مع الاتفاق أنه ليس من المناسك، وقد روى أحمد عن عائشة أنها قالت: