باب الإفاضة من منى للطواف يوم النحر عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى متفق عليه. وفي حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر مختصر من مسلم.
قوله: أفاض أي طاف بالبيت، وفيه دليل على أنه يستحب فعل طواف الإفاضة يوم النحر أول النهار. قال النووي وقد أجمع العلماء أن هذا الطواف وهو طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح الحج إلا به، واتفقوا على أنه يستحب فعله النحر يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق، فإن أخره عنه وفعله في أيام التشريق أجزأ ولا دم عليه بالاجماع، فإن أخره إلى بعد أيام التشريق وأتى به بعدها أجزأه ولا شئ عليه عند الجمهور. وقال أبو حنيفة ومالك: إذا تطاول لزم معه دم انتهى. وكذا حكى الاجماع على فرضية طواف الزيارة وأنه لا يجبره الدم وأن وقته من يوم النحر الإمام المهدي في البحر، وطواف الإفاضة وهو المأمور به في قوله تعالى: * (وليطوفوا بالبيت العتيق) * (سورة الحج، الآية: 29) وهو الذي يقال له طواف الزيارة. قوله: فصلى الظهر بمنى وقوله في الحديث الآخر: فصلى بمكة الظهر ظاهر هذا التنافي، وقد جمع الناس وروي بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أفاض قبل الزوال وطاف وصلى الظهر بمكة في أول النهار، ثم رجع إلى منى وصلى بها الظهر مرة أخرى إماما بأصحابه، كما صلى بهم في بطن نخل مرتين: مرة بطائفة ومرة بأخرى، فروى ابن عمر صلاته بمنى، وجابر صلاته بمكة، وهما صادقان. وذكر ابن المنذر نحوه، ويمكن الجمع بأن يقال: إنه صلى بمكة ثم رجع إلى منى فوجد أصحابه يصلون الظهر فدخل معهم متنفلا لامره صلى الله عليه وآله وسلم بذلك لمن وجد جماعة يصلون وقد صلى.
باب ما جاء في تقديم النحر والحلق والرمي والإفاضة بعضها على بعض عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتاه