عباس عن أبيه العباس أنه كان إذا دفع مالا مضاربة فذكر قصة وفيها: أنه رفع الشرط إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجازه، أخرجه البيهقي بإسناد ضعيف والطبراني وقال: تفرد به محمد بن عقبة عن يونس بن أرقم عن أبي الجارود. وعن جابر عند البيهقي أنه سئل عن ذلك فقال: لا بأس به. وفي إسناده ابن لهيعة. وعن عمر عند الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين أنه أعطى مال يتيم مضاربة وأخرجه أيضا البيهقي وابن أبي شيبة. وعن عبد الله وعبيد الله ابني عمر: أنهما لقيا أبا موسى الأشعري بالبصرة منصرفهما من غزوة نهاوند فتسلفا منه مالا وابتاعا منه متاعا وقدما به المدينة فباعاه وربحا فيه، وأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله، فقالا: لو كان تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا؟ فقال رجل: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا، فقال: قد جعلته قراضا وأخذ منهما نصف الربح. أخرجه مالك في الموطأ والشافعي والدارقطني. قال الحافظ: إسناده صحيح. قال الطحاوي: يحتمل أن يكون عمر شاطرهما فيه كما شاطر عماله أموالهم. وقال البيهقي: تأول الترمذي هذه القصة بأنه سألهما لبره الواجب عليهما أن يجعلاه كله للمسلمين فلم يجيباه، فلما طلب النصف أجاباه عن طيب أنفسهما. وعن عثمان عند البيهقي أن عثمان أعطى مالا مضاربة، فهذه الآثار تدل على أن المضاربة كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير، فكان ذلك إجماعا منهم على الجواز، وليس فيها شئ مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أخرجه ابن ماجة من حديث صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وإخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع لكن في إسناده نصر بن القاسم عن عبد الرحمن بن داود وهما مجهولان. وقد بوب أبو داود في سننه للمضاربة، وذكر حديث عروة البارقي الذي سيأتي، ولا دلالة فيه على جوازها لأن القصة المذكورة فيه ليست من باب المضاربة كما ستعرف ذلك قريبا. قال ابن حزم في مراتب الاجماع: كل أبواب الفقه فلها أصل من الكتاب والسنة حاشا القراض، فما وجدنا له أصلا فيهما البتة ولكنه إجماع صحيح مجرد، والذي يقطع به أنه كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلم به وأقره، ولولا ذلك لما جاز انتهى. وقال في البحر:
إنها كانت قبل الاسلام فأقرها انتهى. وأحكام المضاربة مبسوطة في كتب الفقه فلا نشتغل بالتطويل بها، لأن موضوع هذا الشرح الكلام على ما يتعلق بالحديث. قوله: أن لا تجعل مالي في كبد رطبة أي لا تشتري به الحيوانات، وإنما نهاه عن ذلك لأن ما كان له روح عرضة للهلاك بطرو الموت عليه.