باب ما يصنع من أحرم في قميص عن يعلى بن أمية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءه رجل متضمخ بطيب فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه ساعة فجاءه الوحي ثم سري عنه فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟ فالتمس الرجل فجئ به فقال: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في العمرة كل ما تصنع في حجك متفق عليه. وفي رواية لهم: وهو متضمخ بالخلوق وفي رواية لأبي داود: فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اخلع جبتك فخلعها من رأسه.
قوله: جاءه رجل ذكر ابن فتحون عن تفسير الطرطوشي أن اسمه عطاء بن منية فيكون أخا يعلى بن منية لأنه يقال له يعلى بن منية بضم الميم وسكون النون وفتح التحتية وهي أمه وقيل جدته. وقال ابن الملقن: يجوز أن يكون هذا الرجل عمرو بن سواد، وذكر الطحاوي أن الرجل هو يعلى بن أمية الراوي. قوله: ثم سري عنه بضم المهملة وتشديد الراء المكسورة أي كشف عنه. قوله: الذي بك هو أعم من أن بثوبه أو ببدنه، ولكن ظاهر قوله: وأما الجبة الخ أنه أراد الطيب الكائن في البدن. قوله: ثم اصنع في العمرة كل ما تصنع في حجك فيه دليل على أنهم كانوا يعرفون أعمال الحج. قال ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب ويجتنبون الطيب في الاحرام إذا حجوا، وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة، فأخبره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن مجراهما واحد. وقال ابن المنير:
قوله واصنع معناه اترك، لأن المراد بيان ما يجتنبه المحرم، فيؤخذ منه فائدة حسنة وهي أن الترك فعل، وأما قول ابن بطال: أراد الأدعية وغيرها مما يشترك فيه الحج والعمرة ففيه نظر، لأن التروك مشتركة بخلاف الأعمال، فإن في الحج أشياء زائدة على العمرة كالوقوف وما بعده. قال النووي كما قال ابن بطال وزاد: ويستثنى من الأعمال ما يختص به الحج.
وقال الباجي: المأمور به غير نزع الثوب وغسل الخلوق لأنه صرح له بهما فلم يبق إلا الفدية كذا قال. ولا وجه لهذا الحصر لأنه قد ثبت عند مسلم والنسائي في هذا