فالله أحق بالوفاء فيه دليل على أن حق الله مقدم على حق الآدمي، وهو أحد أقوال الشافعي، وقيل: بالعكس، وقيل: سواء. قوله: جاء رجل فقال إن أختي الخ، لا منافاة بين هذه الرواية والأولى، لأنه يحتمل أن تكون القصة متعددة وأن تكون متحدة، ولكن النذر وقع من الأخت والام، فسأل الأخ عن نذر أخته والبنت عن نذر الام (وقد استدل) المصنف بهذه الرواية على صحة الحج من غير الوارث لعدم استفصاله صلى الله عليه وآله وسلم للأخ هل هو وارث أو لا؟ وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال كما تقرر في الأصول (واستدل) بأحاديث الباب على أنه يصح ممن لم يحج أن يحج نيابة عن غيره لعدم استفصاله صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله عن ذلك، وبه قال الكوفيون، وخالفهم الجمهور فخصوه بمن حج عن نفسه، واستدلوا بحديث ابن عباس الآتي في باب من حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه وسيأتي الكلام فيه. قوله: إن أبي مات وعليه حجة الاسلام الخ فيه دليل على أنه يجوز للابن أن يحج عن أبيه حجة الاسلام بعد موته وإن لم يقع منه وصية ولا نذر، ويدل على الجواز من غير الولد حديث الذي سمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لبيك عن شبرمة وسيأتي.
باب اعتبار الزاد والراحلة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله عز وجل: * (من استطاع إليه سبيلا) * (سورة آل عمران، الآية: 97) قال قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة رواه الدارقطني.
وعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الزاد والراحلة يعني قوله: * (من استطاع إليه سبيلا) * رواه ابن ماجة.
الحديث الأول أخرجه أيضا الحاكم وقال: صحيح على شرطهما، والبيهقي كلهم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا، قال البيهقي: الصواب عن قتادة عن الحسن مرسلا. قال الحافظ: وسنده صحيح إلى الحسن، ولا أرى الموصول إلا وهما، وقد رواه الحاكم من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أيضا، إلا أن الراوي عن حماد هو أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني وهو منكر