النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربع عمر إحداهن في رجب، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط وروى الدارقطني عن عائشة أنها قالت: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث. وقد قدمنا الكلام عليه في قصر الصلاة. قال ابن القيم في الهدى: ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رمضان قط وقال: لا خلاف أن عمره صلى الله عليه وآله وسلم لم تزد على أربع، فلو كان قد اعتمر في رجب لكانت خمسا، ولو كان قد اعتمر في رمضان لكانت ستا، إلا أن يقال بعضهن في رجب، وبعضهن في رمضان، وبعضهن في ذي القعدة، وهذا لم يقع وإنما الواقع اعتماره في ذي القعدة كما قال أنس وابن عباس وعائشة. قوله: من الجعرانة قال في القاموس:
الجعرانة وقد تكسر العين وتشدد الراء. وقال الشافعي:
التشديد خطأ موضع بين مكة والطائف سمي بريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة انتهى. قوله: المحصب هو على ما في القاموس الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح وموضع رمي الجمار بمنى. قوله: اخرج بأختك من الحرم لفظ البخاري: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمره أن يردف عائشة ويعمرها من التنعيم وقد وقع الخلاف هل يتعين التنعيم لمن اعتمر من مكة؟ قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أنه لا ميقات للعمرة لمن كان بمكة إلا التنعيم، ولا ينبغي مجاوزته، كما لا ينبغي مجاوزة المواقيت التي للحج، وخالفهم آخرون فقالوا: ميقات العمرة الحل، وإنما أمر عائشة بالاحرام من التنعيم لأنه كان أقرب الحل إلى مكة. ثم روي عن عائشة في حديثها أنها قالت: فكان أدنانا من الحرم التنعيم فاعتمرت منه، قال: فثبت بذلك أن التنعيم وغيره سواء في ذلك.
وقال صاحب الهدى: ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتمر مدة إقامته بمكة قبل الهجرة ولا اعتمر بعد الهجرة إلا داخلا إلى مكة، ولم يعتمر قط خارجا من مكة إلى الحل ثم يدخل إلى مكة بعمرة كما يفعل الناس اليوم، ولا ثبت عند أحد من الصحابة فعل ذلك في حياته إلا عائشة وحدها. قال في الفتح: وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته انتهى. ولكنه إنما يدل على المشروعية إذا لم يكن أمره صلى الله عليه وآله وسلم بذلك لأجل تطييب قلبها كما قيل. قوله: من المسجد الأقصى فيه دليل على جواز تقديم الاحرام على الميقات، ويؤيد ذلك ما أخرجه الشافعي في الام عن عمر والحاكم في