ابن المنير: وكأنه مذهب البخاري لأنه أشار في صحيحه عند الترجمة لهذين الحديثين إلى أن ذلك خاص بذلك الزمن، وأما الآن فقد استقرت الاحكام وعرفت مراتب الاحرام فلا يصح ذلك، وهذا الخلاف يرجع إلى قاعدة أصولية وهي: هل يكون خطابه صلى الله عليه وآله وسلم لواحد أو لجماعة مخصوصة في حكم الخطاب العام للأمة أو لا؟ فمن ذهب إلى الأول جعل حديث علي وأبي موسى شرعا عاما ولم يقبل دعوى الخصوصية إلا بدليل، ومن ذهب إلى الثاني قال: إن هذا الحكم مختص بهما والظاهر الأول.
باب التلبية وصفتها وأحكامها عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال: اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لك لا شريك لك. وكان عبد الله يزيد مع هذا: لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل متفق عليه. وعن جابر قال:
أهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر التلبية مثل حديث ابن عمر قال:
والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا رواه أحمد وأبو داود ومسلم بمعناه. وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في تلبيته: لبيك إله الحق لبيك رواه أحمد وابن ماجة والنسائي.
حديث أبي هريرة صححه ابن حبان والحاكم. قوله: فقال لبيك قال في الفتح: هو لفظ مثنى عند سيبويه ومن تبعه، وقال يونس: هو اسم مفرد وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير كلدى وعلى، ورد بأنها قلبت ياء مع المظهر وعن الفراء هو منصوب على المصدر وأصله لبا لك فثنى على التأكيد أي إلبابا بعد الباب، وهذه التثنية ليست حقيقة بل هي للتكثير والمبالغة، ومعنا إجابة بعد إجابة أو إجابة لازمة، وقيل: معناه غير ذلك. قال ابن عبد البر: قال جماعة من أهل العلم: معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج، وهذا قد أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن