باب تظلل المحرم من الحر أو غيره والنهي عن تغطية الرأس عن أم الحصين قالت: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة وفي رواية: حججنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم يظله من الشمس رواهما أحمد ومسلم. وعن ابن عباس: أن رجلا أو قصته راحلته وهو محرم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة.
قوله: يستره من الحر وكذا قوله: يظله من الشمس فيه جواز تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره من محمل وغيره، وإلى ذلك ذهب الجمهور وقال مالك وأحمد: لا يجوز.
(والحديث) يرد عليهما وأجاب عنه بعض أصحاب مالك بأن هذا المقدار لا يكاد يدوم، فهو كما أجاز مالك للمحرم أن يستظل بيده، فإن فعل لزمته الفدية عند مالك وأحمد، وأجمعوا على أنه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز. وقد احتج لمالك وأحمد على منع التظلل بما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر: أنه أبصر رجلا على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقال: أضح لمن أحرمت له وبما أخرجه البيهقي أيضا بإسناد ضعيف عن جابر مرفوعا ما من محرم يضحى للشمس حتى تغرب إلا غربت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه. قوله أضح بالضاد المعجمة وكذا يضحى والمراد أبرز للضحى، قال الله تعالى: * (وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحي) * (سورة طه، الآية: 119) ويجاب بأن قول ابن عمر لا حجة فيه، وبأن حديث جابر مع كونه ضعيفا لا يدل على المطلوب وهو المنع من التظلل ووجوب الكشف، لأن غاية ما فيه أنه أفضل، على أنه يبعد منه صلى الله عليه وآله وسلم أن يفعل المفضول ويدع الأفضل في مقام التبليغ. قوله: اغسلوه بماء