باب أن من شرط الولاء أو شرطا فاسدا لغا وصح العقد عن عائشة قالت: دخلت علي بريرة وهي مكاتبة فقالت: اشتريني فأعتقيني، قلت: نعم، قالت: لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي، قلت: لا حاجة لي فيك، فسمع بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بلغه فقال: ما شأن بريرة؟ فذكرت عائشة ما قالت فقال: اشتريها فأعتقيها ويشترطوا ما شاؤوا، قالت: فاشتريتها فأعتقتها، واشترط أهلها ولاءها، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الولاء لمن أعتق، وإن اشترطوا مائة شرط.
رواه البخاري. ولمسلم معناه. وللبخاري في لفظ آخر: خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق. وعن ابن عمر أن عائشة أرادت أن تشتري جارية تعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا، فذكر ت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لا يمنعك ذلك فإن الولاء لمن أعتق رواه البخاري والنسائي وأبو داود، وكذلك مسلم لكن قال فيه عن عائشة جعله من مسندها. وعن أبي هريرة قال: أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها، فأبى أهلها إلا أن يكون الولاء لهم، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لا يمنعك ذلك فإن الولاء لمن أعتق رواه مسلم.
قوله: اشتريها في ذلك دليل على جواز بيع المكاتب إذا رضي ولو لم يعجز نفسه، وبه قال أحمد وربيعة والأوزاعي والليث وأبو ثور ومالك والشافعي في أحد قوليه، واختاره ابن جرير وابن المنذر وغيرهما على تفاصيل لهم في ذلك كذا في الفتح، وإلى مثل ذلك ذهب الهادي وأتباعه. وقال أبو حنيفة والشافعي في أصح القولين عنه وبعض المالكية أنه لا يجوز بيعه مطلقا، ويروى عن ابن مسعود، وأجابوا عن حديث الباب بأن بريرة عجزت نفسها بدليل استعانتها لعائشة كما في كثير من الروايات، ويجاب بأنه ليس في استعانتها لعائشة ما يستلزم العجز. قوله: ويشترطوا ما شاؤوا فيه دليل على أن شرط البائع للعبد أن يكون الولاء له لا يصح بل الولاء لمن أعتق بإجماع المسلمين. قوله: وإن اشترطوا مائة شرط قال النووي: أي لو شرطوا مائة مرة توكيدا فالشرط باطل، وإنما حمل ذلك على التوكيد، لأن الدليل قد دل على بطلان