ذمة إلى ذمة، واختلفوا هل هي بيع دين بدين رخص فيه فاستثنى من النهي عن بيع الدين بالدين أو هي استيفاء؟ وقيل: هي عقد إرفاق مستقبل، ويشترط في صحتها رضا المحيل بلا خلاف، والمحتال عند الأكثر، والمحال عليه عند بعض. ويشترط أيضا تماثل النقدين في الصفات وأن يكون في شئ معلوم، ومنهم من خصها بالنقدين ومنعها في الطعام لأنها بيع طعام قبل أن يستوفى اه. قوله: مطل الغني من إضافة المصدر إلى الفاعل عند الجمهور، والمعنى: أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل صاحب الدين بخلاف العاجز، وقيل: هو من إضافة المصدر إلى المفعول أي يجب على المستدين أن يوفي صاحب الدين ولو كان المستحق للدين غنيا، فإن مطله ظلم فكيف إذا كان فقيرا فإنه يكون ظلما بالأولى، ولا يخفى بعد هذا كما قال الحافظ، والمطل في الأصل المد، وقال الأزهري: المدافعة. قال في الفتح: والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر. قوله: وإذا أتبع بإسكان التاء المثناة الفوقية على البناء للمجهول. قال النووي: هذا هو المشهور في الرواية واللغة. وقال القرطبي: أما أتبع فبضم الهمزة وسكون التاء مبنيا لما لم يسم فاعله عند الجميع، وأما فليتبع فالأكثر على التخفيف، وقيده بعضهم بالتشديد، والأول أجود، وتعقب الحافظ ما ادعاه من الاتفاق بقول الخطابي: إن أكثر المحدثين يقولونه يعني أتبع بتشديد التاء والصواب التخفيف، والمعنى: إذا أحيل فليحتل كما وقع في الرواية الأخرى. قوله: على ملئ قيل: هو بالهمز وقيل بغير همز، ويدل على ذلك قول الكرماني الملي كالغني لفظا ومعنى. وقال الخطابي: إنه في الأصل بالهمز ومن رواه بتركها فقد سهله. قوله: فاتبعه قال في الفتح:
هذا بتشديد التاء بلا خلاف (والحديثان) يدلان على أنه يجب على من أحيل بحقه على ملئ أن يحتال، وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر وأكثر الحنابلة وأبو ثور وابن جرير، وحمله الجمهور على الاستحباب. قال الحافظ: ووهم من نقل فيه الاجماع.
(وقد اختلف) هل المطل مع الغني كبيرة أم لا؟ وقد ذهب الجمهور إلى أنه موجب للفسق، واختلفوا هل يفسق بمرة أو يشترط التكرار؟ وهل يعتبر الطلب من المستحق أم لا؟ قال في الفتح: وهل يتصف بالمطل من ليس القدر الذي عليه حاضرا عنده لكنه قادر على تحصيله بالتكسب مثلا؟ أطلق أكثر الشافعية عدم الوجوب، وصرح بعضهم بالوجوب مطلقا، وفصل آخرون بين أن يكون