مني حرام حتى يبلغ الهدي محله ففعلوا متفق عليهما، وهو دليل على جواز الفسخ، وعلى وجوب السعي وأخذ الشعر للتحلل في العمرة. وعن جابر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى، فأهللنا من الأبطح رواه مسلم.
قوله: وأهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تقدم استدلال من استدل بهذا، على أن حجه صلى الله عليه وآله وسلم كان إفرادا وتقدم الجواب عن ذلك. قوله:
فأحلوا حين طافوا بالبيت فيه دليل المذهب الجمهور أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى، قال ابن بطال: لا أعلم خلافا بين أئمة الفتوى أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى إلا ما شذ به ابن عباس فقال: يحل من العمرة بالطواف ووافقه ابن راهويه، ونقل القاضي عياض عن بعض أهل العلم أن بعض الناس ذهب إلى أن المعتمر إذا دخل الحرم حل وإن لم يطف ولم يسع، وله أن يفعل كل ما حرم على المحرم، ويكون الطواف والسعي في حقه كالرمي والمبيت في حق الحاج، وهذا من شذوذ المذاهب وغريبها وغفل القطب الحلبي فقال فيمن استلم الركن في ابتداء الطواف وأحل حينئذ: أنه لا يحصل له التحلل بالاجماع. قوله: أحلوا من إحرامكم أي اجعلوا حجكم عمرة وتحللوا منها بالطواف والسعي. قوله: وقصروا أمرهم بالتقصير لأنهم يهلون بعد قليل بالحج فأخر الحلق له، لأن بين دخولهم وبين يوم التروية أربعة أيام فقط.
قوله: متعة أي اجعلوا الحجة المفردة التي أهللتم بها عمرة تحللوا منها فتصيروا متمتعين، فأطلق على العمرة أنها متعة مجازا والعلاقة بينهما ظاهرة. وفي رواية لمسلم: فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة ونحوه في رواية الباقر عن جابر وفي الحديث الطويل عند مسلم. قوله: قال افعلوا ما أمرتكم فيه بيان ما كان عليه صلى الله عليه وآله وسلم من لطفه بأصحابه وحلمه عنهم. قوله: لا يحل مني حرام بكسر الحاء من يحل والمعنى: لا يحل مني ما حرم علي. ووقع في مسلم: لا يحل مني حرام بالنصب على المفعولية، وعلى هذا فيقرأ يحل بضم أوله والفاعل محذوف تقديره لا يحل طول المكث، أو نحو ذلك مني شيئا حراما حتى يبلغ الهدي محله أي إذا نحرته يوم منى، واستدل به على أن من اعتمر فساق هديا لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر. ومثله ما في البخاري من حديث عائشة بلفظ: من أحرم بعمرة فأهدى فلا يحل