ذلك جنح الكوفيون والأوزاعي، قال: والحديث حجة للشافعي لأنه أثبت الخيار للبائع لا لأهل السوق اه. وقد احتج مالك ومن معه بما وقع في رواية من النهي عن تلقي السلع حتى تهبط الأسواق، وهذا لا يكون دليلا لمدعاهم، لأنه يمكن أن يكون ذلك رعاية لمنفعة البائع، لأنها إذا هبطت الأسواق عرف مقدار السعر فلا يخدع، ولا مانع من أن يقال: العلة في النهي مراعاة نفع البائع ونفع أهل السوق. واعلم أنه لا يجوز تلقيهم للبيع منهم، كما لا يجوز للشراء منهم، لأن العلة التي هي مراعاة نفع الجالب أو أهل السوق أو الجميع حاصلة في ذلك، ويدل على ذلك ما في رواية للبخاري بلفظ: لا يبع فإنه يتناول البيع لهم والبيع منهم، وظاهر النهي المذكور في الباب عدم الفرق بين أن يبتدئ المتلقي الجالب بطلب الشراء أو البيع أو العكس، وشرط بعض الشافعية في النهي أن يكون المتلقي هو الطالب، وبعضهم اشترط أن يكون المتلقي قاصدا لذلك، فلو خرج للسلام على الجالب أو للفرجة أو لحاجة أخرى فوجدهم فبايعهم لم يتناوله النهي، ومن نظر إلى المعنى لم يفرق وهو الأصح عند الشافعي، وشرط الجويني في النهي أن يكذب المتلقي في سعر البلد ويشتري منهم بأقل من ثمن المثل. وشرط المتولي من أصحاب الشافعي أن يخبرهم بكثرة المؤنة عليهم في الدخول، وشرط أبو إسحاق الشيرازي أن يخبرهم بكساد ما معهم، والكل من هذه الشروط لا دليل عليه، والظاهر من النهي أيضا أنه يتناول المسافة القصيرة والطويلة وهو ظاهر إطلاق الشافعية. وقال بعض المالكية: ميل. وقال بعضهم أيضا: فرسخان. وقال بعضهم: يومان. وقال بعضهم:
مسافة قصر، وبه قال الثوري. وأما ابتداء التلقي فقيل: الخروج من السوق وإن كان في البلد، وقيل: الخروج من البلد وهو قول الشافعية، وبالأول قال أحمد وإسحاق والليث والمالكية.
باب النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه وسومه إلا في المزايدة عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يبع أحدكم على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له رواه أحمد. وللنسائي: لا بيع أحدكم على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر وفيه بيان أنه أراد بالبيع الشراء. وعن أبي هريرة: أن النبي