لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة انطلقت فوافقته قد خرج من الكعبة وأصحابه قد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسطهم رواه أحمد وأبو داود. وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: أدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم البيت في عمرته؟ قال: لا متفق عليه.
حديث عائشة أخرجه أيضا وصححه ابن خزيمة والحاكم. وحديث أسامة رجاله رجال الصحيح، وأصله في صحيح مسلم بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل في البيت ولكنه كبر في نواحيه وحديث عبد الرحمن بن صفوان في إسناده يزيد بن أبي زياد ولا يحتج بحديثه وقد ذكر الدارقطني أن يزيد بن أبي زياد تفرد به عن مجاهد، ولكنه ذكر الذهبي أنه صدوق من ذوي الحفظ، وذكر في الخلاصة أنه كان من الأئمة الكبار، وقد تقدم الكلام فيه في غير موضع. قوله: ووددت أني لم أكن فعلت فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل الكعبة في غير عام الفتح لان عائشة لم تكن معه فيه إنما كانت معه في غيره. وقد جزم جمع من أهل العلم أنه لم يدخل إلا في عام الفتح وهذا الحديث يرد عليهم، وقد تقرر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدخل البيت في عمرته كما في حديث ابن أبي أوفى المذكور في الباب، فتعين أن يكون دخله في حجته وبذلك جزم البيهقي. وقد أجاب البعض عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك لعائشة بالمدينة بعد رجوعه من غزوة الفتح وهو بعيد جدا. وفيه أيضا دليل على أن دخول الكعبة ليس من مناسك الحج وهو مذهب الجمهور. وحكى القرطبي عن بعض العلماء أن دخولها من المناسك، وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن دخولها مستحب، ويدل على ذلك ما أخرج ابن خزيمة والبيهقي من حديث ابن عباس: من دخل البيت دخل في جنة وخرج مغفورا له وفي إسناده عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف، ومحل استحبابه ما لم يؤذ أحدا بدخوله، ويدل على الاستحباب أيضا حديث أسامة وعبد الرحمن بن صفوان المذكوران في الباب. قوله: وخده ويديه فيه استحباب وضع الخد والصدر على البيت وهو ما بين الركن والباب ويقال له الملتزم، كما روى الطبراني عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: الملتزم ما بين الركن والباب. وأخرجه البيهقي في شعب الايمان من