عليه وآله وسلم مع ملاحظة تنزيل ترك الاستفصال منزلة العموم، ولكن حديث ابن عمر هذا في إسناده رجل مجهول، فإن أبا داود رواه عن محمد بن كثير عن سفيان عن أبي إسحاق عن رجل نجراني عن ابن عمر، ومثل هذا لا تقوم به حجة.
(قال القائلون) بالجواز: ولو صح هذا الحديث لحمل على بيع الأعيان أو على السلم الحال عند من يقول به أو على ما قرب أجله، قالوا: ومما يدل على الجواز ما تقدم من أنهم كانوا يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، ومن المعلوم أن الثمار لا تبقى هذه المدة، ولو اشترط الوجود لم يصح السلم في الرطب إلى هذه المدة، وهذا أولى ما يتمسك به في الجواز. قوله: فلا يصرفه إلى غيره الظاهر أن الضمير راجع إلى المسلم فيه لا إلى ثمنه الذي هو رأس المال، والمعنى: أنه لا يحل جعل المسلم فيه ثمنا لشئ قبل قبضه، ولا يجوز بيعه قبل القبض، أي لا يصرفه إلى شئ غير عقد السلم. وقيل:
الضمير راجع إلى رأس مال السلم. وعلى ذلك حمله ابن رسلان في شرح السنن وغيره، أي ليس له صرف رأس المال في عوض آخر كأن يجعله ثمنا لشئ آخر، فلا يجوز له ذلك حتى يقبضه، وإلى ذلك ذهب مالك وأبو حنيفة والهادي والمؤيد بالله. وقال الشافعي وزفر: يجوز ذلك لأنه عوض عن مستقر في الذمة فجاز كما لو كان قرضا، ولأنه مال عاد إليه بفسخ العقد على فرض تعذر المسلم فيه فجاز أخذ العوض عنه كالثمن في المبيع إذا فسخ العقد. قوله: فلا يشرط على صاحبه غير قضائه فيه دليل على أنه لا يجوز شئ من الشروط في عقد السلم غير القضاء، واستدل به المصنف على امتناع الرهن. وقد روي عن سعيد بن جبير أن الرهن في السلم هو الربا المضمون. وقد روي نحو ذلك عن ابن عمر والأوزاعي والحسن وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ورخص فيه الباقون، واستدلوا بما في الصحيح من حديث عائشة:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشترى طعاما من يهودي نسيئة ورهنه درعا من حديد. وقد ترجم عليه البخاري باب الرهن في السلم، وترجم عليه أيضا في كتاب السلم باب الكفيل في السلم، واعترض عليه الإسماعيلي: بأنه ليس في الحديث ما ترجم به، ولعله أراد إلحاق الكفيل بالرهن لأنه حق ثبت الرهن به فجاز أخذ الكفيل به، والخلاف في الكفيل كالخلاف في الرهن. قوله: فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه