الله عليه وآله وسلم أمر بقتل العقرب والفأرة والحية والحدأة وهذا الامر ورد بعد نهي المحرم عن القتل، وفي الامر الوارد بعد النهي خلاف معروف في الأصول هل يفيد الوجوب أو لا؟ وفي لفظ لمسلم إذن. وفي لفظ لأبي داود: قتلهن حلال للمحرم.
قوله: الغراب هذا الاطلاق مقيد بما عند مسلم من حديث عائشة بلفظ الأبقع وهو الذي في ظهره أو بطنه بياض، ولا عذر لمن قال: يحمل المطلق على المقيد من هذا، وقد اعتذر ابن بطال وابن عبد البر عن قبول هذه الزيادة بأنها لم تصح لأنها من رواية قتادة وهو مدلس، وتعقب ذلك الحافظ بأن شعبة لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم، وهذه الزيادة من رواية شعبة، بل صرح النسائي بسماع قتادة، واعتذر ابن قدامة عن هذه الزيادة بأن الروايات المطلقة أصح وهو اعتذار فاسد، لأن الترجيح فرع التعارض، ولا تعارض بين مطلق ومقيد، ولا بين مزيد وزيادة غير منافية. قال في الفتح: وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك ويقال له غراب الزرع وأفتوا بجواز أكله، فبقي ما عداه من الغربان ملحقا بالأبقع انتهى. قال ابن المنذر: أباح كل من يحفظ عنه العلم قتل الغراب في الاحرام إلا عطاء. قال الخطابي: لم يتابع أحد عطاء على هذا. قوله: والحدأة بكسر الحاء المهملة وفتح الدال بعدها همزة بغير مد على وزن عنبة، وحكى صاحب الحكم فيه المد.
قوله: والعقرب قال الفتح: هذا اللفظ للذكر والأنثى، وقد يقال عقربة وعقرباء وليس منها العقربان بل هي دويبة طويلة كثيرة القوائم. قال ابن المنذر: لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب. قوله: والفأرة بهمزة ساكنة ويجوز فيها التسهيل، قال في الفتح: ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم إلا ما حكي عن إبراهيم النخعي فإنه قال: فيها جزاء إذا قتلها المحرم، أخرجه عنه ابن المنذر وقال: هذا خلاف السنة وخلاف قول جميع أهل العلم. قوله: والكلب العقور اختلف في المراد بالكلب العقور، فروى سعيد بن منصور عن أبي هريرة بإسناد حسن كما قال الحافظ أنه الأسد، وعن زيد بن أسلم أنه قال: وأي كلب أعقر من الحية. وقال زفر: المراد به هنا الذئب خاصة، وقال في الموطأ: كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب فهو عقور، وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان وهو قول الجمهور. وقال أبو حنيفة: والمراد به هنا الكلب خاصة، ولا يلتحق به في هذا الحكم سوى الذئب (احتج الجمهور) بقوله تعالى * (وما علمتم من الجوارح) * (سورة المائدة، الآية: 4) مكلبين فاشتقها