تبعا لما انحدر في مكان عند رجوعه من المدينة قال: هذا عقيق الأرض فسمي العقيق. قوله:
وقل عمرة في حجة برفع عمرة في أكثر الروايات، وبنصبها في بعضها بإضمار فعل أي جعلتها عمرة، وهو دليل على أن حجه صلى الله عليه وآله وسلم كان قرانا، وأبعد من قال: إن معناه أنه يعتمر في تلك السنة بعد فراغ حجه. وظاهر حديث عمر هذا أن حجه صلى الله عليه وآله وسلم القران كان بأمر من الله فكيف يقول صلى الله عليه وآله وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة، فينظر في هذا، فإن أجيب بأنه إنما قال ذلك تطييبا لخواطر أصحابه فقد تقدم أنه تغرير لا يليق نسبة مثله إلى الشارع.
وعن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليا وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى ذلك علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة وقال: ما كنت لأدع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقول أحد رواه البخاري والنسائي.
وعن الصبي بن معبد قال: كنت رجلا نصرانيا فأسلمت فأهللت بالحج والعمرة، قال: فسمعني زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة وأنا أهل بهما، فقالا لهذا أضل من بعير أهله فكأنما حمل علي بكلمتيهما جبل، فقدمت على عمر بن الخطاب فأخبرته فأقبل عليهما فلامهما، وأقبل علي فقال: هديت لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم رواه أحمد وابن ماجة والنسائي.
الحديث أخرج نحوه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح. قوله: وأن يجمع بينهما يحتمل أن تكون الواو عاطفة، فيكون نهي عن التمتع والقران معا، ويحتمل أن يكون عطفا تفسيريا، وهو على ما تقدم أن السلف كانوا يطلقون على القران تمتعا، فيكون المراد أن يجمع بينهما قرانا أو إيقاعا لهما في سنة واحدة بتقديم العمرة على الحج، وقد زاد مسلم أن عثمان قال لعلي: دعنا عنك، فقال علي: إني لا أستطيع أن أدعك، وقد تقدم في أول الباب أن عثمان قال: أجل ولكنا كنا خائفين. قوله: عن الصبي هو بضم الصاد المهملة وفتح الموحدة بعدها تحتية، قال في التقريب: صبي بالتصغير وابن معبد التغلبي بالمثناة والمعجمة وكسر اللام ثقة مخضرم نزل الكوفة من الثانية. قوله: زيد بن صوحان بضم الصاد المهملة بعدها واو ساكنة ثم معجمة مخففة. قوله: فكأنما حمل علي بكلمتيهما جبل يعني أنه ثقل عليه ما سمعه منهما من ذلك اللفظ الغليظ. قوله: هديت لسنة نبيك هو من أدلة القائلين بتفضيل القران، ولا يخفى أنه لا يصلح للاستدلال به على الأفضلية لأنه