راضين لأجعلنها أي الخشبة على رقابكم كارهين أراد بذلك المبالغة. وفي تعليق القاضي حسين أن أبا هريرة قال ذلك حين كان متوليا بمكة أو المدينة، وكأنه قاله لما رآهم توقفوا عن قبول هذا الحكم، كما وقع في رواية لأبي داود أنهم نكسوا رؤوسهم لما سمعوا ذلك. قوله: لا ضرر ولا ضرار هذا فيه دليل على تحريم الضرار على أي صفة كان من غير فرق بين الجار وغيره، فلا يجوز في صورة من الصور إلا بدليل يخص به هذا العموم، فعليك بمطالبة من جوز المضارة في بعض الصور بالدليل، فإن جاء به قبلته، وإلا ضربت بهذا الحديث وجهه، فإنه قاعدة من قواعد الدين تشهد له كليات وجزئيات. وقد ورد الوعيد لمن ضار غيره، فأخرج أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه من حديث أبي صرمة بكسر الصاد المهملة مالك بن قيس الأنصاري وهو ممن شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، قال ابن عبد البر: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ضار أضر الله به، ومن شاق شاق الله عليه واختلفوا في الفرق بين الضر والضرار فقيل: إن الضر فعل الواحد، والضرار فعل الاثنين فصاعدا. وقيل: الضرار أن تضره من غير أن تنتفع، والضر أن تضره وتنتفع أنت به. وقيل: الضرار الجزاء على الضر، والضر الابتداء، وقيل: هما بمعنى قوله: وللرجل أن يضع خشبه في حائط جاره فيه دليل على جواز وضع الخشبة في جدار الجار، وإذا جاز الغرز جاز الوضع بالأولى لأنه أخف منه. قوله:
فاجعلوه سبعة أذرع هذا محمول على الطريق التي هي مجرى عامة المسلمين بأحمالهم ومواشيهم، فإذا تشاجر من له أرض يتصل بها مع من له فيها حتى جعل عرضها سبعة أذرع بالذراع المتعارف في ذلك البلد بخلاف بنيات الطريق، فإن الرجل إذا جعل في بعض أرضه طريقا مسبلة للمارين كان تقديرها إلى خيرته والأفضل توسيعها، وليس هذه الصورة مراد الحديث، لأن المفروض أن هذه لا مدافعة فيها ولا اختلاف، وسيأتي تمام الكلام على الطريق في الباب الذي بعد هذا. قوله: أعتق أحدهما أي حلف بالعتق.
باب في الطريق إذا اختلفوا فيه كم تجعل عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا اختلفتم في