به على جواز تفريق الصفقة فيصح الصحيح منها ويبطل ما لا يصح، وتعقب باحتمال أن يكونا عقدا عقدين مختلفين، ويؤيده ما في البخاري في باب الهجرة إلى المدينة عن أبي المنهال المذكور فذكر هذا الحديث. وفيه: قدم النبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة ونحن نتبايع هذا البيع فقال: ما كان يدا بيد فليس به بأس، وما كان نسيئة فلا يصلح. فمعنى قوله: ما كان يدا بيد فخذوه أي ما وقع لكم فيه التقابض في المجلس فهو صحيح فامضوه، وما لم يقع لكم فيه التقابض فليس بصحيح فاتركوه، ولا يلزم من ذلك أن يكونا جميعا في عقد واحد، واستدل بهذا الحديث أيضا على جواز الشركة في الدراهم والدنانير وهو إجماع كما قال ابن بطال، لكن لا بد أن يكون نقد كل واحد منهما مثل نقد صاحبه ثم يخلطا ذلك حتى لا يتميز ثم يتصرفا جميعا، إلا أن يقيم كل واحد منهما الآخر مقام نفسه. وقد حكى أيضا ابن بطال أن هذا الشرط مجمع عليه، واختلفوا إذا كانت الدنانير من أحدهما والدراهم من الآخر، فمنعه الشافعي ومالك في المشهور عنه والكوفيون إلا الثوري. واختلفوا أيضا هل تصح الشركة في غير النقدين؟ فذهب الجمهور إلى الصحة في كل ما يتملك، وقيل:
يختص بالنقد المضروب، والأصح عند الشافعية اختصاصها بالمثلي وحديث اشتراك الصحابة في أزوادهم في غزوة الساحل كما في حديث جابر عند البخاري وغيره يرد على من قال باختصاص الشركة بالنقد، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قررهم على ذلك. وكذلك حديث سلمة بن الأكوع عند البخاري وغيره أنهم جمعوا أزوادهم ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم فيها بالبركة. ويرد على الشافعية حديث أبي عبيدة الآتي، وحديث رويفع. والحاصل أن الأصل ا لجواز في جميع أنواع الأموال، فمن ادعى الاختصاص بنوع واحد أو بأنواع مخصوصة ونفي جواز ما عداها فعليه الدليل، وهكذا الأصل جواز جميع أنواع الشرك المفصلة في كتب الفقه، فلا نقبل دعوى الاختصاص بالبعض إلا بدليل.
وعن أبي عبيدة عن عبد الله قال: اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر قال: فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشئ رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة. وهو حجة في شركة الأبدان وتملك المباحات. وعن رويفع بن ثابت قال: إن كان أحدنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم