باب ما جاء في استلام الحجر الأسود وتقبيله وما يقال حينئذ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يأتي هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق رواه أحمد وابن ماجة والترمذي. وعن عمر: أنه كان يقبل الحجر ويقول:
إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك رواه الجماعة. وعن ابن عمر وسئل عن استلام الحجر فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستلمه ويقبله رواه البخاري.
وعن نافع قال: رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده، ثم قبل يده وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعله متفق عليه.
حديث ابن عباس صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم. قوله: لا تضر ولا تنفع أخرج الحاكم من حديث أبي سعيد أن عمر لما قال هذا قال له علي بن أبي طالب: إنه يضر وينفع، وذكر أن الله تعالى لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في رق وألقمه الحجر، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يأتي يوم القيامة وله لسان ذلق يشهد لمن استلمه بالتوحيد وفي إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف جدا، ولكنه يشد عضده حديث ابن عباس المتقدم. قال الطبري: إنما قال عمر ذلك لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم الأحجار كما كانت العرب تفعل في الجاهلية، فأراد أن يعلم الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا لأن الحجر يضر وينفع بذاته كما كانت الجاهلية تعبد الأوثان. قوله: ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخ فيه استحباب تقبيل الحجر الأسود، وإليه ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وسائر العلماء. وحكى ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وطاوس والشافعي وأحمد أنه يستحب بعد تقبيل الحجر السجود عليه بالجبهة، وبه قال الجمهور وروي عن مالك أنه بدعة، واعترف القاضي عياض بشذوذ مالك في ذلك. وقد