إلى المعنى أثبته لأن العيب يثبت الخيار ولا يشترط فيه تدليس، ومن نظر إلى أن حكم التصرية خارج عن القياس خصه بمورده وهو حالة العمد فإن النهي إنما يتناولها فقط. ومنها: لو كان الضرع مملوءا لحما فظنه المشتري لبنا فاشتراها على ذلك ثم ظهر له أنه لحم هل يثبت له الخيار؟ فيه وجهان حكاهما بعض المالكية. ومنها: لو اشترى غير مصراة ثم اطلع على عيب بها بعد حلبها فقد نص الشافعي على جواز الرد مجانا لأنه قليل غير معتني بجمعه. وقيل: يرد بدل اللبن كالمصراة. وقال البغوي: يرد صاعا من تمر انتهى. والظاهر عدم ثبوت الخيار مع علم المشتري بالتصرية لانتفاء الغرر الذي هو السبب للخيار. وأما كون سبب الغرر حاصلا من جهة البائع فيمكن أن يكون معتبرا، لأن حكمه صلى الله عليه وآله وسلم بثبوت الخيار بعد النهي عن التصرية مشعر بذلك، وأيضا المصراة المذكورة في الحديث اسم مفعول، وهو يدل على أن التصرية وقعت عليها من جهة الغير، لأن اسم المفعول هو لمن وقع عليه فعل الفاعل، ويمكن أن لا يكون معتبرا، لأن تصري الدابة من غير قصد، وكون ضرعها ممتلئا لحما يحصل به من الغرر ما يحصل بالتصرية عن قصد فينظر. قال ابن عبد البر: هذا الحديث أصل في النهي عن الغش، وأصل في ثبوت الخيار لمن دلس عليه بعيب. وأصل في أنه لا يفسد أصل البيع. وأصل في أن مدة الخيار ثلاثة أيام. وأصل في تحريم التصرية وثبوت الخيار بها.
باب النهي عن التسعير عن أنس قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله لو سعرت، فقال: إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.
الحديث أخرجه أيضا الدارمي والبزار وأبو يعلى، قال الحافظ: وإسناده على شرط مسلم، وصححه أيضا ابن حبان. (وفي الباب) عن أبي هريرة عند أحمد وأبي داود قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله سعر، فقال: بل ادعو الله، ثم جاء آخر فقال: يا رسول الله سعر، فقال: