الاختلاف بينه وبين المشتري في أمر من الأمور المتعلقة بالعقد ولكن مع يمينه، كما وقع في الرواية الآخرة، وهذا إذا لم يقع التراضي بينهما على التراد، فإن تراضيا على ذلك جاز بلا خلاف، فلا يكون لهما خلاص عن النزاع إلا التفاسخ أو حلف البائع، والظاهر عدم الفرق بين بقاء المبيع وتلفه لما عرفت من عدم انتهاض الرواية المصرح فيها باشتراط بقاء المبيع للاحتجاج، والتراد مع التلف ممكن بأن يرجع كل واحد منهما بمثل المثلى وقيمة القيمي إذا تقرر لك ما يدل عليه هذا الحديث من كون القول قول البائع من غير فرق، فاعلم أنه لم يذهب إلى العمل به في جميع صور الاختلاف أحد فيما أعلم، بل اختلفوا في ذلك اختلافا طويلا على حسب ما هو مبسوط في الفروع، ووقع الاتفاق في بعض الصور والاختلاف في بعض، وسبب الاختلاف في ذلك ما سيأتي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه لأنه يدل بعمومه على أن اليمين على المدعى عليه والبينة على المدعي من غير فرق بين أن يكون أحدهما بائعا والآخر مشتريا أو لا. وحديث الباب يدل على أن القول قول البائع مع يمينه، والبينة على المشتري، من غير فرق بين أن يكون البائع مدعيا أو مدعى عليه، فبين الحديثين عموم وخصوص من وجه فيتعارضان باعتبار مادة الاتفاق وهي حيث يكون البائع مدعيا، فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى الأمور الخارجية، وحديث أن اليمين على المدعى عليه عزاه المصنف في كتاب الأقضية إلى أحمد ومسلم، وهو أيضا في صحيح البخاري في الرهن، وفي باب اليمين على المدعى عليه، وفي تفسير آل عمران. وأخرجه الطبراني بلفظ: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. وأخرجه الإسماعيلي بلفظ ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب وأخرجه البيهقي بلفظ: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر وهذه الألفاظ كلها في حديث ابن عباس ممن رام الترجيح بين الحديثين لم يصعب عليه ذلك بعد هذا البيان، ومن أمكنه الجمع بوجه مقبول فهو المتعين.
كتاب السلم عن ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم