عن هذه النصوص، وأما مجرد الدعوى فأمر لا يعجز عنه أحد وأما ما رواه البزار عن عمر أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحل لنا المتعة ثم حرمها علينا فقال ابن القيم: إن هذا الحديث لا سند له ولا متن، أما سنده فمما لا تقوم به حجة عند أهل الحديث، وأما متنه فإن المراد بالمتعة فيه متعة النساء. ثم استدل على أن المراد ذلك بإجماع الأمة على أن متعة الحج غير محرمة، وبقول عمر: لو حججت لتمتعت كما ذكره الأثرم في سننه. وبقول عمر لما سئل هل نهى عن متعة الحج؟ فقال: لا، أبعد كتاب الله؟ أخرجه عنه عبد الرزاق. وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: بل للأبد فإنه قطع لتوهم ورود النسخ عليها (واستدل) على النسخ بما أخرجه أبو داود: أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى عمر بن الخطاب فشهد عنده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج وهو من رواية سعيد بن المسيب عن الرجل المذكور وهو لم يسمع من عمر. وقال أبو سليمان الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، وقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته، وجوز ذلك إجماع أهل العلم ولم يذكر فيه خلافا انتهى. إذا تقرر لك هذا علمت أن هذه السنة عامة لجميع الأمة، وسيأتي في آخر هذا الباب بقية متمسكات الطائفتين. وقد اختلف هل الفسخ على جهة الوجوب أو الجواز؟ فمال بعض إلى أنه واجب. قال ابن القيم في الهدى بعد أن ذكر حديث البراء الآتي وغضبه صلى الله عليه وآله وسلم لما لم يفعلوا ما أمرهم به من الفسخ: ونحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضا علينا فسخه إلى عمرة تفاديا من غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واتباعا لامره، فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صح حرف واحد يعارضه، ولا خص به أصحابه دون من بعدهم، بل أجرى الله على لسان سراقة أن سأله: هل ذلك مختص بهم؟ فأجابه بأن ذلك كائن لا بد، فما ندري ما يقدم على هذه الأحاديث وهذا الامر المؤكد الذي غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على من خالفه انتهى. والظاهر أن الوجوب رأي ابن عباس لقوله فيما تقدم: أن الطواف بالبيت يصيره إلى عمرة شاء أم أبى.
وعن الأسود عن عائشة قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا تطوفنا بالبيت وأمر النبي صلى الله عليه وآله