أحاديث الباب أن الهدي إذا عطب جاز نحره، والتخلية بينه وبين الناس يأكلونه غير الرفقة قطعا للذريعة، وهي أن يتوصل بعضهم إلى نحره قبل أوانه، والظاهر عدم الفرق بين هدي التطوع والفرض، وخصصه من تقدم بهدي التطوع، ولعل الوجه في ذلك أن الهدي الذي هو السبب هو هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي بعث به وهو هدي تطوع قال النووي: ولا يجوز للأغنياء الاكل منه مطلقا لأن الهدي مستحق للمساكين فلا يجوز لغيرهم انتهى. وقد اختلفت الروايات في مقدار البدن التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففي رواية من حديث ابن عباس عند مسلم: أنها ست عشرة بدنة. وفي رواية أخرى: أنها ثماني عشرة، ويمكن الجمع بتعدد القصة، أو يصار إلى ترجيح الرواية المشتملة على الزيادة إن كانت القصة واحدة.
باب الاكل من دم التمتع والقران والتطوع في صفة حديث جابر حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليا عليه السلام فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها رواه أحمد ومسلم. وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حج ثلاث حجج: حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعد ما هاجر ومعها عمرة، فساق ثلاثا وثلاثين بدنة، وجاء علي عليه السلام من اليمن ببقيتها فيها جمل لأبي لهب في أنفه برة من فضة فنحرها وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كل بدنة ببضعة فطبخت وشرب من مرقها رواه الترمذي وابن ماجة. وقال فيه: جمل لأبي جهل. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا الحج، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل، قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل: نحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أزواجه متفق عليه. وهو دليل على الاكل من دم القران لأن عائشة كانت قارنة.