المستدرك بإسناد قوي عن علي عليه السلام أنهما قالا: إتمام الحج والعمرة في قوله تعالى:
* (وأتموا الحج والعمرة لله) * (سورة البقرة، الآية: 196) بأن تحرم لهما من دويرة أهلك بل قد ثبت ذلك مرفوعا من حديث أبي هريرة. قال في الدر المنثور: وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى * (وأتموا الحج والعمرة لله) * قال: إن من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك. وأما قول صاحب المنار: إنه لو كان أفضل لما تركه جميع الصحابة، فكلام علي غير قانون الاستدلال، وقد حكي في التلخيص أنه فسره ابن عيينة، فيما حكاه عنه أحمد بأن ينشئ لهما سفرا من أهله، ولكن لا يناسب لفظ الاهلال الواقع في حديث الباب، ولفظ الاحرام الواقع في حديث أبي هريرة وفي تفسير علي وعمر، وقد قدمنا في بحث حكم العمرة تفسيرا آخر للآية.
باب دخول مكة بغير إحرام لعذر عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام رواه مسلم والنسائي. وعن مالك عن ابن شهاب عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه، قال مالك: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ محرما رواه أحمد والبخاري.
قوله: عمامة سوداء فيه جواز لبس السواد، وإن كان البياض أفضل منه لما سلف في اللباس في الجنائز. قوله: وعلى رأسه المغفر زاد أبو عبيد القاسم بن سلام في روايته من حديد: وكذا رواه عشرة من أصحاب مالك خارج الموطأ. قال القاضي عياض: وجه الجمع بينه وبين قوله: وعلى رأسه عمامة سوداء أن أول دخوله كان وعلى رأسه المغفر، ثم بعد ذلك كان على رأسه العمامة بدليل قوله في بعض الروايات: فخطب الناس وعليه عمامة سوداء. قوله: فقال ابن خطل الخ إنما قتله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان ارتد عن الاسلام وقتل مسلما كان يخدمه وكان يهجو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويسبه وكان له قينتان تغنيان بهجاء المسلمين. واسم ابن خطل عبد العزى، وقال محمد بن إسحاق: اسمه عبد الله، وقال ابن الكلبي: اسمه غالب وخطل