عليه وآله وسلم فكنا نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان قال ابن القطان: ولفظ ابن أبي شيبة أشبه بالصواب، فإن المرأة لا يلبي عنها غيرها، أجمع على ذلك أهل العلم. وأخرج الترمذي أيضا من حديث جابر نحو حديث ابن عباس واستغربه، وحديث محمد بن كعب أخرجه أيضا أبو داود في المراسيل وفيه راو مبهم. وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري: أنه بعثه صلى الله عليه وآله وسلم في الثقل بفتح المثلثة والقاف ويجوز إسكانها أي الأمتعة، ووجه الدلالة منه أن ابن عباس كان دون البلوغ (استدل) بأحاديث الباب من قال: إنه يصح حج الصبي، قال ابن بطال: أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبي حتى يبلغ، إلا أنه إذا حج كان له تطوعا عند الجمهور وقال أبو حنيفة:
لا يصح إحرامه، ولا يلزمه شئ من محظورات الاحرام، وإنما يحج به على جهة التدريب، وشذ بعضهم فقال: إذا حج الصبي أجزأه ذلك عن حجة الاسلام لظاهر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم في جواب قولها: ألهذا حج؟ وإلى مثل ما ذهب إليه أبو حنيفة ذهبت الهادوية.
وقال الطحاوي: لا حجة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم نعم على أنه يجزئه عن حجة الاسلام، بل فيه حجة على من زعم أنه لا حج له قال: لأن ابن عباس راوي الحديث قال: أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى، ثم ساقه بإسناد صحيح وقد أخرج هذا الحديث مرفوعا الحاكم وقال: على شرطهما، والبيهقي وابن حزم وصححه. وقال ابن خزيمة: الصحيح موقوف وأخرجه كذلك. قال البيهقي: تفرد برفعه محمد بن المنهال ورواه الثوري عن شعبة موقوفا، ولكنه قد تابع محمد بن المنهال على رفعه الحرث بن شريح، أخرجه كذلك الإسماعيلي والخطيب. ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال:
احفظوا عني ولا تقولوا. قال ابن عباس: فذكره وهو ظاهر في الرفع. وقد أخرج ابن عدي من حديث جابر بلفظ: لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى. ومثل هذا حديث محمد بن كعب المذكور في الباب، فيؤخذ من مجموع هذه الأحاديث أنه يصح حج الصبي ولا يجزئه عن حجة الاسلام إذا بلغ وهذا هو الحق، فيتعين المصير إليه جمعا بين الأدلة. قال القاضي عياض: أجمعوا على أنه لا يجزئه إذا بلغ عن فريضة الاسلام إلا فرقة شذت فقالت يجزئه لقوله نعم. وظاهره استقامة كون حج الصبي حجا مطلقا.
والحج إذا أطلق تبادر منه إسقاط الواجب، ولكن العلماء ذهبوا إلى خلافه، ولعل مستندهم حديث ابن عباس يعني المتقدم فقال: وقد ذهبت طائفة من أهل البدع