ولم يأت في منع بيع الزرع مذ نبت إلى أن يسنبل نص أصلا. وروي عن أبي إسحاق الشيباني قال: سألت عكرمة عن بيع القصيل فقال: لا بأس، فقلت: إنه يسنبل فكرهه اه.
كلام ابن رسلان. (والحاصل) أن الذي في الأحاديث النهي عن بيع الحب حتى يشتد، وعن بيع السنبل حتى يبيض، فما كان من الزرع قد سنبل أو ظهر فيه الحب كان بيعه قبل اشتداد حبه غير جائز، وأما قبل أن يظهر فيه الحب والسنابل فإن صدق على بيعه حينئذ أنه مخاضرة كما قال البعض أنها بيع الزرع قبل أن يشتد لم يصح بيعه لورود النهي عن المخاضرة، كما تقدم في باب النهي عن بيوع الغرر، لأن التفسير المذكور صادق على الزرع الأخضر قبل أن يظهر فيه الحب والسنابل وهو الذي يقال له القصيل، ولكن الذي في القاموس أن المخاضرة بيع الثمار قبل بدو صلاحها، وكذا في كثير من شروح الحديث، فلا يتناول الزرع لان الثمار حمل الشجر كما في القاموس، وسيأتي في تفسير المحاقلة عند البعض ما يرشد إلى أنها بيع الزرع قبل أن تغلظ سوقه، فإن صح ذلك فذاك، وإلا كان الظاهر ما قاله ابن حزم من جواز بيع القصيل مطلقا.
وعن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة وفي لفظ بدل المعاومة: وعن بيع السنين. وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه. وفي رواية: حتى يطيب. وفي رواية: حتى يطعم. وعن زيد بن أبي أنيسة عن عطاء عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة، وأن يشتري النخل حتى يشقه، والاشقاه أن يحمر أو يصفر أو يؤكل منه شئ، والمحاقلة أن يباع الحقل بكيل من الطعام معلوم، والمزابنة أن يباع النخل بأوساق من الثمر، والمخابرة الثلث والربع وأشباه ذلك، قال زيد: قلت لعطاء: أسمعت جابرا يذكر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: نعم. متفق على جميع ذلك إلا الأخير فإنه ليس لأحمد.
قوله: المحاقلة قد اختلفت في تفسيرها، فمنهم من فسرها بما في الحديث فقال:
هي بيع الحقل بكيل من الطعام معلوم، وقال أبو عبيد: هي بيع الطعام في سنبله، والحقل الحرث وموضع الزرع. وقال الليث: الحقل الزرع إذا تشعب من قبل أن تغلظ سوقه، وأخرج الشافعي في المختصر عن جابر أن المحاقلة أن يبيع الرجل الرجل الزرع بمائة فرق