الاسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل والحج مكتوب عليه أفأحج عنه؟
قال: أنت أكبر ولده؟ قال نعم، قال: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان يجزي ذلك عنه؟ قال نعم، قال: فاحجج عنه رواه أحمد والنسائي بمعناه.
حديث علي أخرجه أيضا البيهقي، وحديث ابن الزبير قال الحافظ: إن إسناده صالح. قوله: إن فريضة الله أدركت أبي قد اختلف هل المسؤول عنه رجل أو امرأة كما وقع الاختلاف في الروايات في السائل؟ ففي بعض الروايات أنه امرأة، وفي بعضها أنه رجل، وقد بسط ذلك في الفتح. قوله شيخا قال الطيبي: هو حال والمعنى أنه وجب عليه الحج بأن أسلم وهو بهذه الصفة. قوله: قال فحجي عنه في رواية للبخاري قال: نعم. قوله: وقد أفند بهمزة مفتوحة ثم فاء ساكنة بعدها نون مفتوحة ثم دال مهملة، قال في القاموس: الفند بالتحريك الخرف وإنكار العقل بهرم أو مرض والخطأ في القول والرأي والكذب كالافناد، ولا تقل عجوز مفندة لأنها لم تكن ذات رأي بدا، وفنده تفنيدا أكذبه وعجزه وخطأ رأيه كأفنده انتهى. قوله: أنت أكبر ولده فيه دليل على أن المشروع أن يتولى الحج عن الأب العاجز أكبر أولاده.
قوله: أرأيت الخ فيه مشروعية القياس وضرب المثل، ليكون أوضح وأوقع في نفس السامع، وأقرب إلى سرعة فهمه، وفيه تشبيه ما اختلف فيه وأشكل بما اتفق عليه، وفيه أنه يستحب التنبيه على وجه الدليل لمصلحة (وأحاديث) الباب تدل على أنه يجوز الحج من الولد عن والده إذا كان غير قادر على الحج، وقد ادعى بعضهم أن هذه القصة مختصة بالخثعمية، كما اختص سالم مولى أبي حذيفة بجواز إرضاع الكبير، حكاه ابن عبد البر وتعقب بأن الأصل عدم الخصوص. وأما ما رواه عبد الملك بن حبيب صاحب الواضحة بإسنادين مرسلين في هذا الحديث فزاد: حجي عنه وليس لاحد بعده، فلا حجة في ذلك لضعف إسنادهما مع الارسال، والظاهر عدم اختصاص جواز ذلك بالابن، وقد ادعى جماعة من أهل العلم أنه خاص به. قال في الفتح: ولا يخفى أنه جمود وقال القرطبي:
رأى مالك أن ظاهر حديث الخثعمية مخالف للقرآن فيرجح ظاهر القرآن، ولا شك في ترجحه من جهة تواتره انتهى. ولكنه يقال: هو عموم مخصوص بأحاديث الباب، ولا تعارض بين عام وخاص، وهذه الأحاديث ترد على محمد بن الحسن حيث قال:
إن الحج يقع عن المباشر، وللمحجوج عنه أجر النفقة، وقد اختلفوا فيما إذا عوفي المعضوب