والثاني معناه لا بأس بالعمرة في أشهر الحج. قال الترمذي: هكذا قال الشافعي وأحمد وإسحاق، وهذه الأحاديث من أدلة القائلين بالفسخ وقد تقدم البحث في ذلك.
وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بات بذي الحليفة حتى أصبح ثم أهل بحج وعمرة، وأهل الناس بهما، فلما قدمنا أمر الناس فحلوا حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج، قال: ونحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبع بدنات بيده قياما وذبح بالمدية كبشين أملحين رواه أحمد والبخاري وأبو داود.
وعن ابن عمر قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة وأصحابه مهلين بالحج فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شاء أن يجعلها عمرة إلا من كان معه الهدي، قالوا: يا رسول الله أيروح أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيا؟ قال: نعم وسطعت المجامر رواه أحمد.
حديث ابن عمر هذا قال في مجمع الزوائد: رجال أحمد رجال الصحيح، وهو في الصحيح باختصار، وهو من أحاديث الفسخ التي قال ابن القيم كلها صحاح، وهو أحد الأحاديث التي قال أحمد بن حنبل: إن عنده في الفسخ أحد عشر حديثا صحاحا.
قوله: بات بذي الحليفة حتى أصبح فيه استحباب المبيت بميقات الاحرام. قوله:
وأهل الناس بهما فيه استحباب أن تكون تلبية الناس بعد تلبية كبير القوم ولفظ أبي داود:
ثم أهل الناس بهما. قوله: فحلوا أي أمر من فسخ الحج إلى العمرة ممن كان معه أن يحل من عمرته. قوله: يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة كما تقدم.
قوله: قياما فيه استحباب نحر الإبل قائمة. قوله: وذبح بالمدية كبشين فيه مشروعية الأضحية وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى، ويأتي إن شاء الله تعالى تفسير الأملح. قوله: وذكره يقطر منيا فيه إشارة إلى قرب العهد بوطئ النساء، وفيه دليل على جواز استعمال الكلام في المبالغة. قوله: وسطعت المجامر في رواية لابن أبي شيبة عن أسماء بنت أبي بكر ما لفظه: جئنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجاجا فجعلناها عمرة فحللنا الاحلال كله حتى سطعت المجامر بين .
الرجال والنساء والمراد أنهم تبخروا، والبخور نوع من أنواع الطيب.