وقد تقدم، وبذلك أجاب محمد ابن شجاع. ووجه الدلالة أن الفرقة قاطعة للخيار من غير فرق بين المصراة وغيرها. وأجيب بأن الحنفية لا يثبتون خيار المجلس كما سلف فكيف يحتجون بالحديث المثبت له؟ وأيضا بعد تسليم صحة احتجاجهم به هو مخصص بحديث الباب. وأيضا قد أثبتوا خيار العيب بعد التفرق وما هو جوابهم فهو جوابنا. العذر الخامس: أن الخبر من الآحاد وهي لا تفيد إلا الظن وهو لا يعمل به إذا خالف قياس الأصول، وقد تقرر أن المثلى يضمن بمثله، والقيمي بقيمته من أحد النقدين، فكيف يضمن بالتمر على الخصوص؟ وأجيب بأن التوقف في خبر الواحد إنما هو إذا كان مخالفا للأصول لا لقياس الأصول، والأصول الكتاب والسنة والاجماع والقياس، والأولان هما الأصل، والآخران مردودان إليهما، فكيف يرد الأصل بالفرع؟ ولو سلم أن الآحادي يتوقف فيه على الوجه الذي زعموا فلا أقل لهذا الحديث الصحيح من صلاحيته تخصيص ذلك القياس المدعي. وقد أجيب عن هذا العذر بأجوبة غير ما ذكر ولكن أمثلها ما ذكرناه. ومن جملة ما خالف فيه هذا الحديث القياس عندهم أن الأصول تقتضي أن يكون الضمان بقدر التالف وهو مختلف، وقد قدر ههنا بمقدار معين وهو الصاع، وأجيب بمنع التعميم في جميع المضمونات، فإن الموضحة أرشها مقدر مع اختلافها بالكبر والصغر، وكذلك كثير من الجنايات. والغرة مقدرة في الجنين مع اختلافه.
(والحكمة) في تقدير الضمان ههنا بمقدار واحد لقطع التشاجر لما كان قد اختلط اللبن الحادث بعد العقد باللبن الموجود قبله فلا يعرف مقداره حتى يسلم المشتري نظيره. (والحكمة) في التقدير بالتمر أنه أقرب الأشياء إلى اللبن لأنه كان قوتهم إذ ذاك كالتمر. (ومن جملة) ما خالف به الحديث القياس عندهم أنه جعل الخيار فيه ثلاثا مع أن خيار العيب لا يقدر بالثلاث، وكذلك خيار الرؤية والمجلس، وأجيب بأنه حكم المصراة تفرد بأصله عن مماثله، فلا يستغرب أن ينفرد بوصف يخالف غيره، وذلك لأن هذه المدة هي التي يتبين بها لبن الغرر، بخلاف خيار الرؤية والعيب والمجلس فلا يحتاج إلى مدة. (ومن جملة) ما خالف به القياس عندهم أنه يلزم من الاخذ به الجمع بين العوض والمعوض، فيما إذا كان قيمة الشاة صاعا من تمر فإنها ترجع إليه مع الصاع الذي هو مقدار ثمنها،