للكبائر عام لجميع عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية. وقد جعل البخاري هذا الحديث المذكور من جملة أدلة وجوب العمرة وفضلها وهو لا يصلح للاستدلال به على الوجوب، وقد قيل: إنه أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث المذكور، وهو ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث ابن مسعود مرفوعا: تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة فإن ظاهرة التسوية بين أصل الحج والعمرة ولكن الحق ما أسلفناه لأن هذا استدلال بمجرد الاقتران وقد تقدم ما فيه، وأما الامر بالمتابعة فهو مصروف عن معناه الحقيقي بما سلف (وفي الحديث) دلالة على استحباب الاستكثار من الاعتمار خلافا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة كالمالكية، ولمن قال: يكره أكثر من مرة في الشهر من غيرهم، واستدل للمالكية بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة وأفعاله على الوجوب أو الندب، وتعقب بأن المندوب لا ينحصر في أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان يترك الشئ وهو يستحب فعله لدفع المشقة عن أمته، وقد ندب إلى العمرة بلفظه فثبت الاستحباب من غير تقييد، واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسا بالحج، إلا ما نقل عن الحنفية أنها تكره في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. وعن الهادي أنها تكره في أيام التشريق فقط، وعن الهادوية أنها تكره في أشهر الحج لغير المتمتع والقارن إذ يشتغل بها عن الحج، ويجاب بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتمر في عمره ثلاث عمر مفردة كلها في أشهر الحج، وسيأتي لهذا مزيد بيان في باب جواز العمرة في جميع السنة.
باب وجوب الحج على الفور عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: تعجلوا إلى الحج يعني الفريضة فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له رواه أحمد. وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل أو أحدهما عن الآخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الراحلة، وتعرض الحاجة رواه أحمد وابن ماجة وسيأتي قوله عليه السلام: من كسر أو