شرط البخاري. قوله: رهن الرهن بفتح أوله وسكون الهاء في اللغة الاحتباس من قولهم: رهن الشئ إذا دام وثبت، ومنه * (كل نفس بما كسبت رهينة) * (سورة المدثر، الآية: 38) وفي الشرع جعل مال وثيقة على دين، ويطلق أيضا على العين المرهونة تسمية للمفعول به باسم المصدر. وأما الرهن بضمتين فالجمع ويجمع أيضا على رهان بكسر الراء ككتب وكتاب وقرئ بهما. قوله: عند يهودي هو أبو الشحم كما بينه الشافعي والبيهقي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رهن درعا له عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير اه. وأبو الشحم بفتح المعجمة وسكون المهملة كنيته، وظفر بفتح الظاء والفاء بطن من الأوس وكان حليفا لهم، وضبطه بعض المتأخرين بهمزة ممدودة وموحدة مكسورة اسم فاعل من الاباء وكأنه التبس عليه بآبي اللحم الصحابي. قوله: بثلاثين صاعا من شعير في رواية الترمذي والنسائي من هذا الوجه بعشرين، ولعله صلى الله عليه وآله وسلم رهنه أول الأمر في عشرين ثم استزاده عشرة، فرواه الراوي تارة على ما كان الرهن عليه أولا، وتارة على ما كان عليه آخرا. وقال في الفتح: لعله كان دون الثلاثين، فجبر الكسر تارة، وألغى الجبر أخرى. ووقع لابن حبان عن أنس أن قيمة الطعام كانت دينارا، وزاد أحمد في رواية: فما وجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يفكها به حتى مات. (والأحاديث) المذكورة فيها دليل على مشروعية الرهن وهو مجمع على جوازه، وفيها أيضا دليل على صحة الرهن في الحضر وهو قول الجمهور، والتقييد بالسفر في الآية خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له لدلالة الأحاديث على مشروعيته في الحضر، وأيضا السفر مظنة فقد الكاتب، فلا يحتاج إلى الرهن غالبا إلا فيه. وخالف مجاهد والضحاك فقالا: لا يشرع إلا في السفر حيث لا يوجد الكاتب، وبه قال داود وأهل الظاهر، والأحاديث ترد عليهم وقال ابن حزم: إن شرط المرتهن الرهن في الحضر لم يكن له ذلك وإن تبرع به الراهن جاز، وحمل أحاديث الباب على ذلك، وفيها أيضا دليل على جواز معاملة الكفار، فيما لم يتحقق تحريم العين المتعامل فيها، وجواز رهن السلاح عند أهل ا لذمة لا عند أهل الحرب بالاتفاق، وجواز الشراء بالثمن المؤجل، وقد تقدم تحقيق ذلك. قال العلماء: والحكمة في عدوله صلى الله عليه وآله وسلم عن معاملة مياسير الصحابة إلى
(٣٥٢)