وعن عائشة قالت: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الحجر أمن البيت هو؟
قال: نعم، قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قالت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الحجر في البيت وأن ألصق بابه الأرض متفق عليه. وفي رواية قالت: كنت أحب أن أدخل البيت أصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فأدخلني الحجر فقال لي: صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت رواه الخمسة إلا ابن ماجة وصححه الترمذي. وفيه إثبات التنفل في الكعبة.
قوله: أتى الحجر فاستلمه الخ فيه دليل على أنه يستحب أن يكون ابتداء الطواف من الحجر الأسود بعد استلامه، وحكي في البحر عن الشافعي والامام يحيى أن ابتداء الطواف من الحجر الأسود فرض. قوله: ثم مشى على يمينه استدل به على مشروعية مشي الطائف بعد استلام الحجر على يمينه جاعلا للبيت على يساره. وقد ذهب إلى أن هذه الكيفية شرطا لصحة الطواف الأكثر، قالوا: فلو عكس لم يجزه. قال في البحر:
ولا خلاف إلا عن محمد بن داود الأصفهاني وأنكر عليه وهموا بقتله انتهى. ولا يخفاك أن الحكم على بعض أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم في الحج بالوجوب لأنها بيان لمجمل واجب، وعلى بعضها بعدمه تحكم محض لفقد دليل يدل على الفرق بينها. قوله:
أمن البيت هو؟ قال: نعم هذا ظاهر بأن الحجر كله من البيت، ويدل على ذلك أيضا قوله في الرواية الثانية: فإنما هو قطعة من البيت وبذلك كان يفتي ابن عباس، فأخرج عبد الرزاق أنه قال: لو وليت من البيت ما ولي ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البيت، ولكن ما ورد من الروايات القاضية بأنه كله من البيت مقيد بروايات صحيحة منها عند مسلم من حديث عائشة بلفظ: حتى أزيد فيه من الحجر وله من وجه آخر عنها مرفوعا بلفظ: فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع وله أيضا عنها مرفوعا بلفظ: وزدت فيها من الحجر سبعة أذرع وفي رواية للبخاري عن عروة: أن ذلك مقدار ستة أذرع ولسفيان بن عيينة