حتى ينحر وتأول ذلك المالكية والشافعية، على أن معناه: ومن أحرم بعمرة فأهدى فأهل بالحج فلا يحل حتى ينحر هديه، ولا يخفى ما فيه من التعسف. قوله: أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فيه دليل على أن من حل من إحرامه يحرم بالحج إذا توجه إلى منى.
وعن معاوية قال: قصرت من رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند المروة بمشقص متفق عليه. ولفظ أحمد: أخذت من أطراف شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أيام العشر بمشقص وهو محرم.
قوله: قصرت أي أخذت من شعر رأسه، وهو يشعر بأن ذلك كان في نسك إما في حج أو عمرة، وقد ثبت أنه حلق في حجته فتعين أن يكون في عمرة، ولا سيما وقد روى مسلم أن ذلك كان في المروة، وهذا يحتمل أن يكون في عمرة القضية أو الجعرانة، ولكن قوله في الرواية الأخرى في أيام العشر يدل على أن ذلك كان في حجة الوداع لأنه لم يحج غيرها وفيه نظر، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله، كما تقدم في الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرها، وقد بالغ النووي في الرد على من زعم أن ذلك كان في حجة الوداع فقال: هذا الحديث محمول على أن معاوية قصر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عمرة الجعرانة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع كان قارنا وثبت أنه حلق بمنى، وفرق أبو طلحة شعره بين الناس، فلا يصح حمل تقصير معاوية على حجة الوداع، ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع، لأن معاوية لم يكن حينئذ مسلما، إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان على الصحيح المشهور، ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع وزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان متمتعا، لأن هذا غلط فاحش، فقد تظافرت الأحاديث في مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قيل له: ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر قال الحافظ متعقبا لقوله لا يصح حمله على عمرة القضاء ما لفظه: قلت يمكن الجمع بينهما بأنه كان أسلم خفية وكان يكتم إسلامه ولم يتمكن من إظهاره إلا يوم الفتح. وقد أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة معاوية تصريحا بأنه أسلم بين الحديبية والقضية، وأنه كان يخفي إسلامه خوفا من أبويه، ولا يعارضه قول سعد المتقدم فعلناها يعني العمرة، وهذا يعني معاوية