فقيل: إن البخاري أبهمه عمدا لما وقع عند أنه وهم ووقع عند مسلم إلى ثور، فالمراد بهذا المبهم من عير إلى ثور، وقد تقدم الكلام على ذلك. قوله: من أحدث فيها حدثا أي عمل بخلاف السنة كمن ابتدع بها بدعة. زاد مسلم وأبو داود في هذا الحديث: أو آوى محدثا. قوله: فعليه لعنة الله الخ، أي اللعنة المستقرة من الله على الكفار، وأضيف إلى الله على سبيل التخصيص، والمراد بلعنة الملائكة والناس المبالغة في الابعاد عن رحمة الله. وقيل: المراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه في أول الأمر، وليس هو كلعن الكافر واستدل بهذا على أن الحدث في المدينة من الكبائر. قوله:
ما بين مأزميها قال النووي: المأزم بهمزة بعد الميم وكسر الزاي وهو الجبل، وقيل:
المضيق بين جبلين ونحوه، والأول هو الصواب هنا، ومعناه ما بين جبليها انتهى. قوله:
ألا يهراق فيها دم فيه دليل على تحريم إراقة الدماء بالمدينة لغير ضرورة. قوله: إلا لعلف هو بإسكان اللام مصدر وعلفت، وأما العلف بفتح اللام وهو اسم الحشيش والتبن والشعير ونحوها، وفيه جواز أخذ أوراق الشجر للعلف لا خبط الأغصان وقطعها فإنه حرام.
قوله: عضاهها العضاه بالقصر وكسر العين المهملة وتخفيف الضاد المعجمة كل شجر فيه شوك وحداتها عضاهة وعضهة. قوله: وحماها كلها فيه دليل على أن حكم حمى المدينة حكمها في تحريم صيده وشجره، وقد تقدم بيان مقدار الحمى أنه من كل ناحية من نواحي المدينة بريد.
وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها. وعن عامر بن سعد: أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال: معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبى أن يرد عليهم رواهما أحمد ومسلم. وعن سليمان بن أبي عبد الله قال:
رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسلبه ثيابه فجاء مواليه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم هذا الحرم وقال: من رأيتموه يصيد فيه شيئا فلكم سلبه، فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن إن شئتم