أي أسفارا بليغا، وهذا يرد على ما ذهب إليه مالك من أن الدفع قبل الاسفار. قوله:
محسر الخ بكسر السين المهملة قبلها حاء مهملة وليس هو من مزدلفة ولا منى بل هو مسيل بينهما، وقيل: إنه من منى، وفيه دليل على أنه يستحب لمن بلغ وادي محسر إن كان راكبا أن يحرك دابته، وإن كان ماشيا أسرع في مشيه. قوله: فرماها الخ، سيأتي الكلام على الرمي.
وعن عمر قال: كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون: أشرق ثبير، فخالفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس رواه الجماعة إلا مسلما، لكن في رواية أحمد وابن ماجة: أشرق ثبير كيما نغير.
قوله: لا يفيضون بضم أوله أي من المزدلفة. قوله: أشرق بفتح الهمزة فعل أمر من الاشراق أي أدخل في الشروق، وظن بعضهم أنه ثلاثي فضبطه بكسر الهمزة من شرق وليس بواضح، والمعنى: لتطلع عليك الشمس. قوله: ثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون التحتية بعدها راء مهملة، وهو جبل معروف بمكة وهو أعظم جبالها. قوله: فأفاض قبل طلوع الشمس الإفاضة الدفعة كما قال الأصمعي. ولفظ أبي داود: فدفع قبل طلوع الشمس. قوله: كيما نغير قال الطبري:
معناه كيما ندفع وهو من قولهم: أغار الفرس إذا أسرع (والحديث) فيه مشروعية الدفع من الموقف بالمزدلفة قبل طلوع الشمس عند الاسفار، وقد نقل الطبري الاجماع، على أن من لم يقف فيها حتى طلعت الشمس فاته الوقوف. قال ابن المنذر: وكان الشافعي وجمهور أهل العلم يقولون بظاهر هذا الحديث وما ورد في معناه، وكان مالك يرى أن يدفع قبل الاسفار وهو مردود بالنصوص.
وعن عائشة: قالت: كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تفيض من جمع بليل فأذن لها متفق عليه. وعن ابن عباس قال: أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله رواه الجماعة.
وعن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن لضعفة الناس من المزدلفة بليل رواه أحمد. وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوضع في واد محسر وأمرهم أن يرموا بمثل حصى الحذف رواه الخمسة وصححه الترمذي.