قال القرطبي: لأنه اشتمل على التفصيل بين الحلال وغيره وعلى تعلق جميع الأعمال بالقلب فمن هناك يمكن أن ترد جميع الأحكام إليه. وقد ادعى أبو عمر الداني أن هذا الحديث لم يروه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير النعمان بن بشير، فإن أراد من وجه صحيح فمسلم، وإن أراد على الاطلاق فمردود، فإنه في الأوسط للطبراني من حديث ابن عمر وعمار، وفي الكبير له من حديث ابن عباس، وفي الترغيب للأصبهاني من حديث واثلة، وفي أسانيدها مقال كما قال الحافظ.
وعن عطية السعدي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس رواه الترمذي.
وعن أنس قال: إن كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليصيب التمرة فيقول:
لولا أني أخشى أنها من الصدقة لأكلتها متفق عليه. وعن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه، وإن سقاه شرابا من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه رواه أحمد. وعن أنس بن مالك قال: إذا دخلت على مسلم لا يتهم فكل من طعامه واشرب من شرابه ذكره البخاري في صحيحه.
حديث عطية السعدي حسنه الترمذي، وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي الدرداء نحوه ولفظه: تمام التقوى أن يتقي الله حتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما. وحديث أبي هريرة أخرجه أيضا الطبراني في الأوسط وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي ضعفه الجمهور وقد وثق. قال في مجمع الزوائد: وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. هذه الأحاديث ذكرها المصنف رحمه الله للإشارة إلى ما فيه شبهة كحديث أنس، وإلى ما لا شبهة فيه كحديث أبي هريرة، وقد ذكر البخاري في تفسير الشبهات حديث عقبة بن الحرث في الرضاع لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
كيف وقد قيل وحديث عائشة في قصة ابن وليدة زمعة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: واحتجبي منه يا سودة فإن الظاهر أن الامر بالمفارقة في الحديث الأول والاحتجاب في الثاني لأجل الاحتياط وتوقي الشبهات، وفي ذلك نزاع يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. قال الخطابي: ما شككت فيه فالورع اجتنابه وهو على ثلاثة أقسام: واجب ومستحب ومكروه، فالواجب اجتناب ما يستلزم ارتكاب المحرم. والمندوب