ورجال إسناده رجال الصحيح. وحديث علي أخرجه البيهقي من طريق الشافعي بإسناد صحيح. قوله: تعدل حجة فيه دليل على أن العمرة في رمضان تعدل حجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للاجماع، على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض. ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أن معنى هذا الحديث نظير ما جاء: أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وقال ابن العربي: حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة، فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها. وقال ابن الجوزي فيه: إن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت، كما يزيد بحضور القلب وخلوص المقصد. قوله: اعتمر أربعا قد تقدم الكلام في عدد عمره صلى الله عليه وآله وسلم والاختلاف في ذلك، وقد وقع خلاف هل الأفضل العمرة في رمضان لهذا الحديث أو في أشهر الحج لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعتمر إلا فيها؟ فقيل: إن العمرة في رمضان لغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفضل، وأما في حقه فما صنعه فهو أفضل، لأنه فعله للرد على أهل الجاهلية الذين كانوا يمنعون من الاعتمار في أشهر الحج (وأحاديث الباب) وما ورد في معناها مما تقدم تدل على مشروعية العمرة في أشهر الحج، وإليه ذهب الجمهور، وذهبت الهادوية إلى أن العمرة في أشهر الحج مكروهة، وعللوا ذلك بأنها تشغل عن الحج في وقته، وهذا من الغرائب التي يتعجب الناظر منها، فإن الشارع صلى الله عليه وآله وسلم إنما جعل عمره كلها في أشهر الحج لابطال ما كانت عليه الجاهلية من منع الاعتمار فيها كما عرفت، فما الذي سوغ مخالفة هذه الأدلة الصحيحة والبراهين الصريحة وألجأ إلى مخالفة الشارع وموافقة ما كانت عليها الجاهلية؟ ومجرد كونها تشغل عن أعمال الحج لا يصلح مانعا، ولا يحسن نصبه في مقابلة الأدلة الصحيحة. وكيف يجعل مانعا وقد اشتغل بها المصطفى في أيام الحج وأمر غيره بالاشتغال بها فيها، ثم أي شغل لمن لم يرد الحج أو أراده وقدم مكة من أول شوال، لا جرم من لم يشتغل بعلم السنة المطهرة حق الاشتغال يقع في مثل هذه المضايق التي هي السم القتال والداء العضال. وحكي في البحر عن الهادي أنها تكره في أيام التشريق، قال أبو يوسف: ويوم النحر، قال أبو حنيفة: ويوم عرفة.
(٣١)