المسور ومروان قالا: قلد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الهدي وأشعره بذي الحليفة، وأحرم منها بالعمرة، وحلق بالحديبية في عمرته، وأمر أصحابه بذلك، ونحر بالحديبية قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك رواه أحمد. وعن ابن عباس قال: إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ، فأما من حبسه عدو أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله أخرجه البخاري.
وقال مالك وغيره: ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان ولا قضاء عليه، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا وحلوا من كل شئ قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكروا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أحدا أن يقضوا شيئا ولا يعودوا له والحديبية خارج الحرم كل هذا كلام البخاري في صحيحه.
قوله: فانحروا ثم احلقوا فيه دليل على أن المحصر يقدم النحر على الحلق، ولا يعارض هذا ما وقع في رواية للبخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حلق وجامع نساءه ونحر هديه لأن العطف بالواو إنما هو لمطلق الجمع ولا يدل على الترتيب، فإن قدم الحلق على النحر فروى ابن أبي شيبة عن علقمة أن عليه دما، وعن ابن عباس مثله، والظاهر عدم وجوب الدم لعدم الدليل. قوله: إنما البدل الخ، بفتح الباء الموحدة والمهملة أي القضاء لما أحصر فيه من حج أو عمرة، وهذا قول الجمهور كما في الفتح وقال في البحر: إن على المحصر القضاء إجماعا في الفرض العترة وأبو حنيفة وأصحابه وكذا في النفل انتهى. وعن أحمد روايتان، واحتج الموجبون للقضاء بحديث الحجاج بن عمرو السالف وهو نص في محل النزاع، وبحديث ابن عمر المتقدم لقوله فيه حتى يحج عاما قابلا فيهدي بعد قوله: حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبما تقدم من الآثار. وقال الذين لم يوجبوا القضاء:
لم يذكر الله تعالى القضاء ولو كان واجبا لذكره وهذا ضعيف لأن عدم الذكر لا يستلزم العدم، قالوا ثانيا: قول ابن عباس يدل على عدم الوجوب، ويجاب بأن قول الصحابي ليس بحجة إذا انفرد فكيف إذا عارض المرفوع؟ قالوا ثالثا: لم يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدا ممن أحصر معه في الحديبية بأن يقضي ولو لزمهم