باب الهدي يعطب قبل المحل عن أبي قبيصة ذؤيب بن حلحلة قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبعث معه بالبدن ثم يقول: إن عطب منها شئ فخشيت عليها موتا فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها، ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك رواه أحمد ومسلم وابن ماجة. وعن ناجية الخزاعي وكان صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قلت: كيف أصنع بما عطب من البدن؟ قال: انحره واغمس نعله في دمه واضرب صفحته وخل بين الناس وبينه فليأكلوه رواه الخمسة إلا النسائي. وعن هشام بن عروة عن أبيه: أن صاحب هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ فقال: كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها ثم ألق قلائدها في دمها، ثم خل بين الناس وبينها يأكلوها رواه مالك في الموطأ عنه.
حديث ناجية قال الترمذي: حسن صحيح، قال: والعمل على هذا عند أهل العلم في هدي التطوع إذا عطب لا يأكل هو ولا أحد من أهل رفقته، ويخلي بينه وبين الناس يأكلونه وقد أجزأ عنه، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقالوا: إن أكل منه شيئا غرم بقدر ما أكل منه انتهى. قوله: ثم اغمس نعلها الخ إنما يفعل ذلك لأجل أن يعلم من مر به أنه هدي فيأكله. قوله: من أهل رفقتك قال النووي: وفي المراد بالرفقة وجهان لأصحابنا: أحدهما أنهم الذين يخالطون المهدى في الأدب وغيره دون باقي القافلة. والثاني وهو الأصح الذي يقتضيه ظاهر نص الشافعي وجمهور أصحابه أن المراد بالرفقة جميع القافلة، لأن السبب الذي منعت به الرفقة هو خوف تعطيبهم إياه، وهذا موجود في جميع القافلة فإن قيل: إذا لم تجوزوا لأهل القافلة أكله وقلتم بتركه في البرية كان طعمه للسباع وهذا إضاعة مال. قلنا: ليس فيه إضاعة بل العادة الغالبة أن سكان البوادي يتتبعون منازل الحجيج لالتقاط ساقطة ونحو ذلك، وقد تأتي قافلة في أثر قافلة، والرفقة بضم الراء وكسرها لغتان مشهورتان. قوله: وخل بين الناس وبينه هذا مقيد بمن عدا المالك والرفقة كما في الحديث الأول. قوله: إن صاحب هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو ناجية الخزاعي المذكور سابقا، وظاهر.