الخيار. وفي لفظ: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكان جميعا، أو يخبر أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع متفق على ذلك كله. وفي لفظ: كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار متفق عليه أيضا. وفي لفظ: المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار. وفي لفظ: إذا تبايع المتبايعان بالبيع فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما عن خيار، فإذا كان بيعهما عن خيار فقد وجب، قال نافع: وكان ابن عمر رحمه الله إذا بايع رجلا فأراد أن لا يقيله قام فمشى هنية ثم رجع أخرجاهما.
قوله: البيعان بتشديد التحتانية يعني البائع والمشتري، والبيع هو البائع أطلق على المشتري على سبيل التغليب، أو لأن كل واحد من اللفظين يطلق على الآخر كما سلف. قوله: بالخيار بكسر الخاء المعجمة اسم من الاختيار أو التخيير، وهو طلب خير الامرين من إمضاء البيع أو فسخه، والمراد بالخيار هنا خيار المجلس. قوله:
ما لم يفترقا قد اختلف هل المعتبر التفرق بالأبدان أو بالأقوال، فابن عمر حمله على التفرق بالأبدان كما في الرواية المذكورة عنه في الباب، وكذلك حمله أبو برزة الأسلمي حكى ذلك عنه أبو داود قال صاحب الفتح: ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة، قال أيضا: ونقل ثعلب عن الفضل بن سلمة أنه يقال: افترقا بالكلام، وتفرقا بالأبدان، ورده ابن العربي بقوله: * (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) * (سورة البينة، الآية: 4) فإنه ظاهر في التفرق بالكلام لأنه بالاعتقاد، وأجيب بأنه من لازمه في الغالب، لأن من خالف آخر في عقيدته كان مستدعيا لمفارقته إياه ببدنه، ولا يخفى ضعف هذا الجواب، والحق حمل كلام الفضل على الاستعمال بالحقيقة، وإنما استعمل أحدهما في موضع الآخر اتساعا انتهى. ويؤيد حمل التفرق على تفرق الأبدان ما رواه البيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: حتى يتفرقا من مكانهما وروايات حديث الباب بعضها بلفظ التفرق وبعضها بلفظ الافتراق كما عرفت، فإذا كانت حقيقة كل واحد منهما مخالفة لحقيقة الآخر كما سلف فينبغي أن يحمل أحدهما على المجاز توسعا، وقد دل الدليل على إرادة حقيقة التفرق بالأبدان، فيحمل ما دل على