قيل: إن هذا الحكم مختص بمن له ملك في العين التي انتفع بخراجها كالمشتري الذي هو سبب وورد الحديث، وإلى ذلك مال الجمهور. وقالت الحنفية: إن الغاصب كالمشتري قياسا ولا يخفى ما في هذا القياس، لأن الملك فارق يمنع الالحاق، والأولى أن يقال:
إن الغاصب داخل تحت عموم اللفظ، ولا عبرة بخصوص السبب كما تقرر في الأصول.
قوله: فاستغله بالغين المعجمة وتشديد اللام أي أخذ غلته.
باب ما جاء في المصراة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر متفق عليه. وللبخاري وأبي داود: من اشترى غنما مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ففي حلبتها صاع من تمر، وهو دليل على أن الصاع من التمر في مقابلة اللبن وأنه أخذ قسطا من الثمن.
وفي رواية: إذا ما اشترى أحدكم لقحة مصراة أو شاة مصراة فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، أما هي وإلا فليردها وصاعا من تمر رواه مسلم، وهو دليل على أنه يمسك بغير أرش. وفي رواية: من اشترى مصراة فهو منها بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ومعها صاعا من تمر لا سمراء رواه الجماعة إلا البخاري.
وعن أبي عثمان النهدي قال: قال عبد الله: من اشترى محفلة فردها فليردها معها صاعا رواه البخاري والبرقاني على شرطه وزاد: من تمر.
قوله: لا تصروا بضم أوله وفتح الصاد المهملة وضم الراء المشددة من صريت اللبن في الضرع إذا جمعته، وظن بعضهم أنه من صررت، فقيده بفتح أوله وضم ثانيه. قال في الفتح: والأول أصح، قال: لأنه لو كان من صررت لقيل مصرورة أو مصررة لا مصراة، على أنه قد سمع الامر أن في كلام العرب، ثم استدل على ذلك بشاهدين عربيين، ثم قال: وضبطه بعضهم بضم أوله وفتح ثانيه بغير واو على البناء للمجهول والمشهور الأول اه. قال الشافعي: التصرية هي ربط أخلاف الشاة أو الناقة وترك حلبها حتى يجتمع لبنها فيكثر فيظن المشتري أن ذلك عادتها فيزيد في ثمنها لما يرى من كثرة