بمعلوم عن مجهول. والمواريث الدارسة تطلق على الأجناس الربوية وغيرها، فهو يقضي بعمومه أنها تجوز المصالحة مع جهالة أحد العوضين وإن كان المصالح به والمصالح عنه ربوين، ولكن لا بد من وقوع التحليل كما هو مصرح به في الحديثين، وقد استدل المقبلي في الأبحاث بهذا الحديث على جواز صرف الفضة بالفضة مع التصريح بتطييب الزائد، وأنه لا يلزم من ذلك إبطال المقصد الشرعي في الربا لان كل حيلة توصل بها إلى السلامة من الاثم فهي جائزة، وأنما المحرم الحيلة التي توصل بها إلى إبطال مقصد شرعي، قال: فعلى هذا يجوز الصرف للقروش بالمحلقة وهما ضربتان كبيرة وصغيرة، ونحو ذلك مما دعت الضرورة إليه. قال: ولنحو ذلك رخص في بيع العرية، وإلا فكان يمكن بيع التمر بالدراهم ثم شراء رطب بالدراهم، أما لو كان الغرض طلب التجارة والأرباح كالصيارفة فلا يجوز إلى آخر كلامه. وصرح أيضا بأنه لا حاجة في الصرف إلى تكلف شراء سلعة ثم بيعها كما في حديث تمر الجمع والجنيب السالف، قال: لأن ذلك يلحق بالممتنع للضرورة إليه في أكثر الأحوال وغالبها ففيه غاية المشقة، وأنت خبير بأن الحديث ورد على خلاف ما تقتضيه الأصول، فلا يجوز أن يجاوز به مورده وهو صورة القضاء فلا يصح القياس، وهذا على فرض عدم صحة الاجماع على خلاف ما يقتضيه الحديث، فإن صح فالعمل به في تلك الصورة المخصوصة لا يجوز، فكيف يصح إلحاق غيرها بها؟ وأيضا خبر القلادة السالف مشعر بعدم جواز بيع الفضة بالفضة وإن وقعت المراضاة والمباراة، فهذا القياس الذي عول عليه فاسد الاعتبار، فإن قال: إن صرف الدراهم بالقروش يحتاج إليه كل أحد وتدعو الضرورة إليه بخلاف بيع الفضة التي ليست بمضروبة بمثلها فنقول: هذا تخصيص بمجرد الحاجة والمشقة، ومثل ذلك لا ينتهض لتخصيص النصوص، ولا سيما مع إمكان التخلص عن تلك الورطة بأن يشتري بأحد البدلين عينا ويبيعها بالنقد الآخر، كما أرشد إليه الشارع في قضية تمر الجمع والجنيب، فإن بهذه الوسيلة تنتقي الضرورة الحاملة على ارتكاب ما لا يحل، ولو كان مجرد حصول المشقة مجوزا لمخالفة الدليل ومسوغا للمحرم، لكان في ذلك معذرة لمن لا رغبة له في القيام بالواجبات، لان كثيرا منها مصحوب بالمشقة كالحج والجهاد ونحوهما.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من