عن قول أبي سعيد الذي علقه البخاري ووصله عبد الرزاق بلفظ: السلم بما يقوم به السعر ربا، ولكن السلف في كيل معلوم إلى أجل وقد اختلف الجمهور في مقدار الاجل فقال أبو حنيفة: لا فرق بين الاجل القريب والبعيد، وقال أصحاب مالك: لا بد من أجل تتغير فيه الأسواق وأقله عندهم ثلاثة أيام، وكذا عند الهادوية، وعند ابن القاسم خمسة عشر يوما، وأجاز مالك السلم إلى العطاء والحصاد ومقدم الحاج، ووافقه أبو ثور، واختار ابن خزيمة تأقيته إلى الميسرة واحتج بحديث عائشة:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث إلى يهودي: ابعث إلي ثورين إلى الميسرة وأخرجه النسائي وطعن ابن المنذر في صحته، وليس في ذلك دليل على المطلوب، لأن التنصيص على نوع من أنواع الاجل لا ينفي غيره. وقال المنصور بالله: أقله أربعون يوما، وقال الناصر: أقله ساعة، والحق ما ذهبت إليه الشافعية من عدم اعتبار الاجل لعدم ورود دليل يدل عليه، فلا يلزم التعبد بحكم بدون دليل. وأما ما يقال من أنه يلزم مع عدم الاجل أن يكون بيعا للمعدوم ولم يرخص فيه إلا في السلم، ولا فارق بينه وبين البيع إلا الاجل، فيجاب عنه بأن الصيغة فارقة وذلك كاف.
(واعلم) أن للسلم شروطا غير ما اشتمل عليه الحديث مبسوطة في كتب الفقه، ولا حاجة لنا في التعرض لما لا دليل عليه، إلا أنه وقع الاجماع على اشتراط معرفة صفة الشئ المسلم فيه على وجه يتميز بتلك المعرفة عن غيره.
وعن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى قالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزيت إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع أو لم يكن؟ قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك رواه أحمد والبخاري. وفي رواية: كنا نسلف على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والزيت والتمر وما نراه عندهم رواه الخمسة إلا الترمذي. وعن أبي سعيد قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره رواه أبو داود وابن ماجة. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أسلف شيئا فلا يشرط على صاحبه غير قضائه وفي لفظ: من أسلف في شئ فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه أو رأس ماله رواهما الدارقطني. واللفظ الأول دليل امتناع الرهن والضمين فيه، والثاني بمنع الإقالة في البعض.